منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-10-24, 21:12 رقم المشاركة : 193



Icon3 الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله







الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته

الإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به. والأدلة الشرعية متواترة على تأكيد ذلك، فقد أمر سبحانه بالإيمان بهم، وقرن ذلك بالإيمان به فقال:{ فآمنوا بالله ورسله } (النساء: 171) وجاء الإيمان بهم في المرتبة الرابعة من التعريف النبوي للإيمان كما في حديث جبريل: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله .. ) رواه مسلم، وقرن الله سبحانه الكفر بالرسل بالكفر به، فقال:{ ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } (النساء:136)، ففي هذه الآيات دليل على أهمية الإيمان بالرسل، ومنزلته من دين الله عز وجل، وقبل بسط الكلام في ذلك، يجدر بنا ذكر تعريف كل من الرسول والنبي، وتوضيح الفرق بينهما .

معنى الرسول

الرسول فـي اللغة هو الذي يُتابع أخبار الذي بعثه، أَخذاً من قولهم: " جاءت الإِبل رَسَلاً " أَي: متتابعة، وسُمِّي الرَّسول رسولاً لأَنه ذو رسالة . و الرَّسول: اسم من أَرسلت وكذلك الرِّسالة .

معنى النبي :

النبي في اللغة: فعيل بمعنى فاعل ومفعل فهو مُنْبِِئ ومٌنْبَأ، مُنْبِِئ أي مخبر عن الله، ومٌنْبَأ أي مُخبَرٌ من الله، قال تعالى: { قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير }(التحريم:3)، وقال: { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم }(الحجر:49)، فالنبي هو الذي يُخبَر من الله، وهو الذي يُخبِر الناس أي يبلغهم أمر الله ونهيه ووحيه، وقد يكون لفظ ( النبي ) غير مهموز، فيكون من النبو وهو الرفعة والمكانة .

الفرق بين النبي والرسول

اختلف العلماء في التفريق بين معنى النبي والرسول، على أقوال:
القول الأول: أنهما سواء أي أنهما لفظان مترادفان، واستدلوا بقوله تعالى: { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي }(الحج:52) فأثبت لهما معاً الإرسال، قالوا: ولا يكون النبي إلا رسولا؛ ولا الرسول إلا نبياً .

ورد هذا القول بأن الله فرق بين الاسمين، ولو كانا شيئاً واحداً لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ.
القول الثاني: أنهما مفترقان من وجه، ويجتمعان من وجه، قال القاضي عياض:" والصحيح والذي عليه الجماء – الجمع - الغفير أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً ". ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد في المسند، و الحاكم في المستدرك و ابن حبان عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه قال: قلت: يا رسول الله، كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف، وأربعة عشر ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً ) .

إلا أنه وعلى الرغم من اتفاق أصحاب هذا القول على وجود فرق بين النبي والرسول، إلا أنهم اختلفوا في تحديده على أقوال، لعل أرجحها ما ذهب إليه البعض من أن الرسول: من بعث بشرع جديد وأمر بتبليغه، والنبي من أمر بالتبليغ ولكن بشرع من سبقه من الرسل، كحال أنبياء بني إسرائيل الذين كلفوا بتبليغ شريعة موسى عليه السلام .

قال شيخ الإسلام في كتاب النبوات : " فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم، كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول، وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة، وقد يوحي إلى أحدهم وحي خاص في قضية معينة، ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمّه الله في قضية معنى يطابق القرآن، كما فهّم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود، فالأنبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره ونهيه وخبره، وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله من الخبر والأمر والنهي " أ.هـ .

مراتب الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل ليس على مرتبة واحدة، بل هناك الإيمان المجمل وهو الإيمان بجميع الرسل على وجه الإجمال وبمحمد صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص، فهذا واجب على عموم الأمة لا يسع المؤمن أن يعرض عنه أو ينكره .

وهناك الإيمان المفصّل وهو الإيمان بجميع الرسل ومعرفة ما ثبت في الشرع عنهم ، من أسمائهم وأسماء الكتب التي أنزلت عليهم ، وهذا فرض على مجموع الأمة لا على كل فرد بعينه، بحيث إذا قام به من تحصل به الكفاية في تعليم الناس وحفظ دينهم سقط عن الآخرين.

والإيمان بالرسل يتضمن أمورا:

1- التصديق بنبوتهم وبما جاءوا به من عند الله عز وجل، قال تعالى: { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون { (الحديد:19).

2- عدم التفريق بين أحد منهم كما قال تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } (البقرة:285) .

3- توقيرهم وتعظيمهم: قال تعالى: { لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا } (الفتح:9) قال ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد: " تعظموه وتوقروه من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام، وأجمع العلماء على أن من انتقص نبيا من الأنبياء فقد كفر ".
4- وجوب العمل بشرائعهم: وذلك في حق كل أمة لنبيها، ولا يخفى أن ذلك قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم التي نسخت شريعته كل شريعة.

5- اعتقاد عصمتهم في تبليغهم الوحي، و عصمتهم من الكبائر والصغائر التي تدل على خسة الطبع وسفول الهمة.

الحكمة من إرسال الرسل:

تتلخص الحكمة في إرسال الله رسله إلى العباد في أمور:

الأول: إقامة الحجة على العباد، وتبشير المؤمنين بنعيم الله وجنته في الآخرة، وإنذار الكافرين من عذابه وعقابه، قال تعالى: { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما }(النساء:165). وقال صلى الله عليه وسلم مبينا الحكمة من بعثة الرسل: ( ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ) رواه البخاري ومسلم .

الثاني: إقامة الدين وسياسة الدنيا به، فقد كان الأنبياء هم الساسة الذين يديرون شؤون البلاد والعباد، قال صلى الله عليه وسلم: ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ) متفق عليه، وكذلك كان صلى الله عليه وسلم هو قائد الأمة وأميرها.

الثالث: توحيد الأمة دينيا وسياسيا، وذلك أن انقياد الأمة للرسل يجعلهم يدينون لهم بالطاعة ويتبعونهم فيما جاءوا به من الدين الحق، فتتحقق بذلك وحدتهم الدينية والسياسية.

الرابع: تحقيق القدوة والأسوة العملية، وهذه لها فوائد: الأولى: دحض حجة من قد يزعم أنه ليس في مقدوره تطبيق تلك الشرائع، فيقال له: إن الأنبياء وهم بشر أيضا، قد طبقوا تلك الشرائع ومارسوها عمليا، فكيف يصح القول بأن تطبيقها مما لا يستطاع !!

الفائدة الثانية: تحقيق الأسوة والقدوة للمؤمنين في كيفية تطبيق تلك الشرائع، وكيفية العمل بها، لأن كثيرا من الأمور النظرية تختلف الأفهام في تطبيقها، فيأتي الفعل النبوي فاصلاً ومبيناً.

الفائدة الثالثة: تحقيق الأسوة والقدوة للمؤمنين بحثهم على الإكثار والاستزادة من فعل الصالحات، اقتداء بالأنبياء عليهم السلام، الذين كانوا القدوة في ذلك بسلامة إيمانهم وكثرة أعمالهم الصالحة .

التوحيد محور دعوة الرسل

تتمحور دعوة الرسل جميعا من لدن آدم عليه السلام إلى نبينا صلى الله عليه وسلم حول قضية واحدة هي عبادة الله وحده، وترك عبادة من سواه، وهذا الأمر يشكِّل لب دعوة الرسل ومجمع رسالتهم . ومن خلال استعراض القرآن لدعوة الرسل نجد أن هذه القضية واضحة جلية، مدلل عليها بأدلة كثيرة، قال تعالى: } إن الدين عند الله الإسلام { ( آل عمران/19)، وقال تعالى: } ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين {(آل عمران:85) والإسلام هو الدين الذي نادى به جميع الأنبياء، فنوحٌ يقول لقومه: { وأمرت أن أكون من المسلمين } (يونس:72)، والإسلام هو الدين الذي أمر الله به أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام:{ إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين }(البقرة:131)، ويوصي كل من إبراهيم ويعقوب أبناءه قائلاً :{ فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } (البقرة/132)، وأبناء يعقوب يجيبون أباهم بعد أن سألهم ما يعبدون من بعده ؟ : } نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون { (البقرة: 133)، وموسى ينادي قومه قائلاً: } يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين { (يونس:84)، والحواريون يقرّون لعيسى عليه السلام بقولهم:{ آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون } (آل عمران:52)، وحين سمع فريق من أهل الكتاب كلام الله:{ آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين } (القصص:53).

فالإسلام شعار عام دعا إليه الأنبياء وأتباعهم منذ فجر البشرية إلى عصر النبوة المحمدية، والإسلام هو الطاعة والانقياد والاستسلام لله تعالى بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ولذلك فإن الإسلام في عهد نوح كان باتباع ما جاء به نوح، والإسلام في عهد موسى كان باتباع شريعة موسى، والإسلام في عهد عيسى كان باتباع الإنجيل، والإسلام في عهد محمد صلى الله عليه وسلم كان بالتزام ما جاء به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا سيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .

ومن الأدلة على تمركز دعوة الرسل حول توحيد الله سبحانه ونفي عبادة من سواه، ما صرح به سبحانه في قوله تعالى: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } (النحل:36)، ومن ذلك قوله تعالى:} وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون { (الأنبياء: 25)، وقال صلى الله عليه وسلم: ( الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد ) أخرجه البخاري و مسلم ، وأولاد العلات مَنْ لهم أب واحد وأمهات شتى، فوحدة الأب إشارة إلى أن الدين واحد وهو التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، واختلاف الأمهات إشارة إلى الاختلاف في فروع الشريعة، فشريعة عيسى تخالف شريعة موسى في بعض الأمور ، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم تخالف شريعة موسى وعيسى في أمور، قال تعالى:{ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } (المائدة:48) .

هذه هي حقيقة الدين الواحد الذي دعت إليه الرسل، وأُنزلت في سبيل تحقيقه الكتب، دين يدعو إلى إفراد الله بالعبادة ، ونبذ الآلهة الباطلة التي اتخذها البشر سواء أكانت تلك الآلهة حسية كالأصنام والأحجار والأشجار والكواكب، أم كانت معنوية كاتباع الهوى، وتقليد الآباء ونحو ذلك .

معجزات الرسل

معجزات الرسل هي الآيات التي أجراها الله على أيديهم تصديقا لهم، وبرهانا على الحق الذي معهم، ولهذا سماها الله في كتابه ( آيات ) أي علامات دالة على صدقهم.

وتأييد الله رسله بالمعجزات من كمال عدله ورحمته ومحبته للعذر وإقامته للحجة على العباد، إذ لم يبعث الله نبياً من الأنبياء إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبر به، قال تعالى :{ لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } (الحديد: 25)، وقال تعالى:{ فإن كذبوك فقد كُذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير } (آل عمران:184)، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )متفق عليه .
ومن عظيم حكمة الله عز وجل أن جعل معجزات رسله من جنس ما أبدع فيه القوم المرسل إليهم، إمعاناً في الحجة، وقطعاً للعذر، فلو جعلت معجزة الرسول في أمر يجهله من أرسل إليهم ، لكان لهم عذر في عدم إحسان ما يجهلونه .

فموسى عليه السلام أرسل في قوم كان السحر شائعا بينهم ، فآتاه الله من الآيات ما فاق به قدرة السحرة على أن يأتوا بمثله ، فلما رأى السحرة ذلك ، علموا أن هذا أمر ليس من فعل السحر ، وإنما هي المعجزة الربانية التي أيَّدَ الله بها نبيه موسى ، فما كان من السحرة إلا أن آمنوا وأذعنوا .
ولما بعث الله تعالى عيسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل كان فن الطب فيهم شائعاً، فاقتضت حكمته تعالى أن جعل كثيراً من معجزاته عليه السلام من قبيل أعمال أهل الطب، فأبرأ الله على يديه الأبرص والأكمه - الذي ولد أعمى - وأحيا الموتى، وكل من البرص والكمه فضلا عن الموت من الأمراض المستعصية التي لم يكن بمقدور الأطباء في ذلك الزمان التسبب في الشفاء منها ، فآتى الله عيسى عليه السلام معجزة الشفاء منها بلمسة ودعاء، وكل ذلك يدل على أن فعله عليه السلام لم يكن من جنس ما يفعله الأطباء، فإن الأطباء يمكنهم أن يشفوا من البرص ، لكن بعد معالجة وزمن، وكذلك يمكنهم أن يشفوا من العمى الذي يكون عرضياً ليس مخلاً بجوهر البصر، وأما شفاء الأكمه عديم البصر فهذا ليس في طاقتهم ، وكذلك إحياء الموتى.

ومثل ذلك مع نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد بعث في قوم كانوا أهل فصاحة وبيان، وكان صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب، فلما بعثه الله عز وجل جعل معجزته من جنس ما نبغ فيه العرب، وهو الكلام الفصيح، فآتاه الله القرآن، وتحدى العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بمثل سورة منه فعجزوا ، ثم أعلمهم بأنه لو اجتمع البشر كلهم، وتظاهرت الجن معهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ما استطاعوا أن يأتوا بمثله، قال تعالى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } (يونس: 38)، وقال تعالى: { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } (هود: 13). وصدق الله إذ يقول: { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } (الإسراء:88).

ولا يعني ما سبق أن المعجزة لا تأتي إلا على وجه واحد بحسب حال الناس وواقعهم، بل ربما جاءت المعجزة بناء على طلب المرسَل إليهم، كطلب الحواريين من عيسى أن ينزل عليهم مائدة من السماء فأجابهم إلى ذلك، وكطلب قوم صالح منه أن يخرج لهم من الصخرة ناقة فدعا الله فأجابه، وكمعجزة انشقاق القمر ونبع الماء ونحو ذلك، إلا أن المعجزات تجتمع جميعها في غاية واحدة هي تأييد الأنبياء، وإظهار صدقهم فيما جاءوا به.

فوائد آيات الأنبياء ومعجزاتهم :

إن الآيات التي جاء بها الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ذات فوائد كثيرة نذكر منها ما يلي:
1. بيان قدرة الله سبحانه وتعالى، وذلك أن خرق العادة أمر متعذر على الناس فعله، فإذا أجراه الله على يد رسله، كان ذلك دليلا على سعة قدرة الله وأنه المتصرف في الأسباب الكونية لا أن الأسباب هي المتصرفة في الكون .


2. بيان رحمة الله بعباده، إذ لم يكتف سبحانه بإرسال الرسل وإنزال الكتب الموافقة لما فُطر الناس عليه من التوحيد، وإنما أيد رسله بالمعجزات حتى لا يكون للناس عذر في رد ما جاء به الرسل من الحق والدين.

3. بيان حكمة الله البالغة؛ إذ لم يرسل رسلا دون أن يؤيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، وذلك أن من غير الحكمة أن يرسل المرء شخصا في أمر غاية في الأهمية من غير أن يزوده بما يدل على صحة رسالته من أمارة أو دليل، فكيف برسالة عظيمة من أحكم الحاكمين ؟!

4. رحمة الله بالرسول الذي أرسله؛ إذ لو أرسله من غير معجزات وآيات تدل على صدقه، لما صدقه الخلق ولكان عرضة للسخرية والهزء والتكذيب، فكان إرساله بالآيات المعجزات من رحمة الله به؛ ليتسنى له إقناع الخلق بطريقة لا يستطيعون معارضتها، ولا يمكنهم ردها إلا جحوداً وعناداً .

واجبنا نحو الرسل

أوجب الشرع الكريم على المسلم حقوقا، عليه أن يؤديها تجاه أنبياء الله ورسله، قياما بما أمر الله به من تعظيمهم وتوقيرهم، واعترافاً بما فضلهم به على سائر الخلق، من تبليغ رسالته وتبيين دينه.
فمن تلك الحقوق: الإيمان بهم جميعاً، وعدم التفريق بينهم، بأن يُؤمن ببعض ويُكفر ببعض كحال النصارى الذي آمنوا بعيسى وكفروا بمحمد، أو كحال اليهود الذين آمنوا بموسى وكفروا بعيسى ومحمد عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، قال تعالى: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون }(البقرة:136).

ومن الحقوق المتعينة على المسلم تجاه أنبياء الله ورسله النظر إليهم بعين الكمال ، فلا يجوز للمسلم أن ينتقص واحدا من الأنبياء ، بل يجب أن يعتقد أنهم أدوا رسالة الله على أكمل وجه ، وأنهم بلغوا درجة الكمال البشري ، فلا نقص يعيبهم ، ولا عيب يشينهم ،قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تفضلوا بين أنبياء الله ) متفق عليه ، وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك – وقد علم أنه خيرهم – تواضعاً ، ولئلا يتوصل بالتفاضل بين الأنبياء إلى انتقاص أحد منهم .

ومن الحقوق المتعينة على المسلم تجاه أنبياء الله ورسله محبتهم جميعاً ، وهذا أمر مجمع عليه ، ومن أبغض نبياً من الأنبياء فقد كفر .
ومن حقوقهم دفع غلو الغالين فيهم، كغلو النصارى في المسيح بن مريم عليه السلام حيث ادعوا أنه ابن الله ، قال تعالى :{ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } (النساء:171).

ومن الحقوق المتعينة على المسلم تجاه أنبياء الله ورسله دفع ما أُلصق بهم من تهم وإشاعات ، كتلك التي روجها اليهود - وزعموا أنها في الكتاب المقدس – حيث تصف الأنبياء بأنهم أهل غدر وخيانة ، أو أنهم أهل شهوة وسكر ، فإن الذب عن أعراض أنبياء الله أمام هذه التهم الباطلة من أوجب الواجبات على أهل العلم ، صيانة لمقام الأنبياء وحفظا لحقهم.
ومن الأدب مع أنبياء الله ورسله، الصلاة والسلام عليهم مطلقاً وعند ذكرهم، فقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية ذلك، منهم الإمام النووي .

هذا فيما يتعلق بحقوق أنبياء الله ورسله على المسلم على وجه العموم ، ولا شك أن هناك حقوقاً اختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم ،من أعظمها وجوب متابعته ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، قال تعالى:{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } ( الحشر:7 ) وقال: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } (الأحزاب:21)، كما يجب اعتقاد أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، وأن شريعته هي خاتمة الشرائع، وأنه لا نجاة لأحد إلا باتباعه صلى الله عليه وسلم.
تلك كانت لمحة موجزة عن الركن الرابع من أركان الإيمان، عن الإيمان بالرسل سادة البشرية وهداتها، عن صفوة الله من خلقه الذين اصطفاهم الله لحمل رسالته وتبليغ دينه، فقاموا بما كلفوا به خير قيام، وتحلموا صنوف الأذى في ذلك، فمنهم من قتل، ومنهم من رمي في النار، ومنهم من نفي، ومنهم من سلط عليه سفلة الخلق وهملهم، هذا وهم في ذلك صابرون محتسبون، راغبون في إيصال الخير لأقوامهم وهدايتهم، فكانوا بحق هداة البشرية الحقيقين ورواد النهضة فيها، فلو بحثت البشرية في تاريخها كله لما أوجدت أشرف ولا أنبل من أنبياء الله ورسله، فصلوات الله وسلامه عليهم جميعاً إلى يوم الدين.








  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-25, 20:18 رقم المشاركة : 194

Icon3 حقيقة العبادة



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله





تنبع أهمية العبادة من كونها الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها، قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات: 56) ولأجل تحقيق هذه الغاية واقعا في حياة الناس بعث اللهُ الرسل، قال تعالى:{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }(النحل:36) وقال تعالى:{ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } وقال صلى الله عليه وسلم: ( بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له ) رواه أحمد . وبالعبادة وصف الله ملائكته وأنبياءه، فقال تعالى:{ وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون }(الأنبياء: 19) وذم المستكبرين عنها بقوله: { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }(الأنبياء: 19) ونعت أهل جنته بالعبودية له، فقال سبحانه:{ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا }(الإنسان:6) ونعت نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبودية له في أكمل أحواله، فقال في الإسراء:{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا }(الإسراء: )، وقال في مقام الإيحاء: { فأوحى إلى عبده ما أوحى }( النجم:10) وقال في مقام الدعوة: { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا الجن:19) وقال في التحدي: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله }( البقرة:23) فالدين كله داخل في العبادة وهي أشرف المقامات وأعلاها وبها نجاة العبد ورفعته في الدنيا والآخرة.

تعريف العبادة

لخص العلماء تعريف العبادة بقولهم: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله.
وأصل معنى العبادة مأخوذ من الذل، يقال طريق معبّدٌ إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، غير أن العبادة في الشرع لا تقتصر على معنى الذل فقط، بل تشمل معنى الحب أيضا، فهي تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء .

شروط صحة العبادة

لصحة العبادة شرطان:
أحدهما: أن لا يعبد إلا الله، وهو الإخلاص الذي أمر الله به، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله سبحانه، قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }(البينة:5). وقال صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) رواه مسلم وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا ".

والثاني: أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال تعالى: { أَم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }(الشورى: 21)، وقال تعالى: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }(الكهف:110) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه. وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:{ ليبلوكم أيكم أحسن عملا }(هود: 7) قال أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة .

أقسام عبودية الناس لربهم :

الناس في عبوديتهم لربهم على قسمين:
القسم الأول عبودية قهر: وهذه لا يخرج منها أحد من مؤمن أو كافر، ومن بر أو فاجر، فالكل مربوب للهمقهور بحكمه خاضع لسلطانه، فما شاء الله كان وإن لم يشاؤوا وما شاؤوا إن لم يشاء لم يكن، كما قال تعالى:{ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون }(آل عمران:33).

القسم الثاني عبودية تكليف: وهي عبودية شرعية دينية، وهي طاعة الله ورسوله، وهي التي يحبها الله ويرضاها، وبها وصف المصطفين من عباده، وهذه العبودية اختيارية من حيث القدر، فمن شاء آمن ومن شاء كفر، ومرد الجميع إلى الله تعالى ليحاسبهم على أعمالهم .

آثار العبادة على الخلق

لعبادة الله أعظم الأثر في صلاح الفرد والمجتمع والكون كله، فأما أثر العبادة على الكون وعلى البشرية عامة فهي سبب نظام الكون وصلاحه، وسبيل سعادة الإنسان ورفعته في الدنيا والآخرة، وكلما كان الناس أقرب إلى العبادة كان الكون أقرب إلى الصلاح، والعكس بالعكس، فإن انهمكوا في المعاصي والسيئات وتركوا الواجبات والطاعات كان ذلك مؤذنا بخراب الكون وزواله، ومن تأمل كيف أن القيامة لا تقوم إلا على شرار الخلق حين لا يقال في الكون كله " الله الله " علم صحة ما ذكرنا.

والعبادة هي الزمام الذي يكبح جماح النفس البشرية أن تلغ في شهواتها، وهي السبيل الذي يحجز البشرية عن التمرد على شرع الله تعالى، قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }(العنكبوت:45) فالعبادة ضمانة أخرى من أن تنحرف البشرية في مهاوي الردى وطرق الضلال.
والعبادة سبب للرخاء الاقتصادي واستنزال رحمات الله وبركاته على البلاد والعباد، قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }( الأعراف:96).

هذا فيما يتعلق بآثار العبادة على الكون كله وعلى البشرية جمعاء، أما آثارها فيما يتعلق بالفرد فيمكن إيجاز ذلك في أمور:

الأمر الأول: طمأنينة القلب وراحته ورضاه، قال تعالى : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب }(الرعد:28).

الأمر الثاني: نور الوجه، قال تعالى: { سيماهم في وجوههم من أثر السجود }(الفتح:29) وقال عن الكافرين:{ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}(يونس:27).

الأمر الثالث: سعة الرزق والبركة فيه، ويدل على ذلك قصة أصحاب الجنة الذين بارك الله لهم في جنتهم في حياة والدهم بطاعته ورحمته بالفقراء، حتى إذا مات وورثوا الأرض من بعده عزموا على حرمان الفقراء، فأرسل الله على جنتهم صاعقة فجعلتها كالصريم محترقة سوداء كالليل البهيم، قال تعالى: { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا لي***نها مصبحين ولا يستثنون }(القلم:17).

روح العبادة

لا يخفى أن العبادة روح ولب وعلاقة تواصل بين العبد وربه سبحانه، فإذا اقتصرت العبادة على الحركات، وتخلف عنها لبها وجوهرها من الخشوع والخضوع لله والذل والانكسار بين يديه، كان العبد مؤديا لصورة العبادة لا لحقيقتها، فشرود القلب وغفلته في أداءه للعبادة من أعظم الآفات التي تؤدي لعدم قبول العمل، ولتجاوز هذا ذكر العلماء أسبابا لبعث الروح في عباداتنا منها:

1- تحديث القلب وتذكيره بالتعبد لله سبحانه، وأن سعادته في إحسان عبادته لربه والقيام لله بحقه.

2- التهيؤ للعبادة والاستعداد لها، ويكون التهيؤ لكل عبادة بحسبه، فالتهيؤ للصلاة بالوضوء والحضور إلى المسجد مبكراً، قال سعيد بن المسيب رحمه الله: " ما دخل علي وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها "، وقال ربيعة بن يزيد رحمه الله: " ما أذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضا أو مسافرا ".

3- الابتعاد عما يشوش القلب أثناء العبادة كالأصوات والزخارف ونحوها، فقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته خميصة – ثوبا – له أعلام قائلا: ( ألهتني آنفا عن صلاتي ) متفق عليه .

4- الإقبال على العبادة بقلب فارغ من مشاغل الدنيا وملهياتها، ففي البخاري تعليقا عن أبي الدرداء رضي الله عنه: " من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ " كل هذا من أجل أن ينخلع القلب من علائق الدنيا وينجذب إلى حقيقة العبادة، ويجتمع في قلب العبد وفكره ووجدانه الاتجاه إلى الله تعالى.

5- التنويع في أداء العبادة على جميع صفاتها الواردة حتى لا تتحول العبادة إلى حركات ديناميكية يفعلها العبد دون شعور بالفرق بين عبادة الأمس وعبادة اليوم، ولعل ذلك من حكم التنويع في صفات العبادات، فمن قرأ دعاء الاستفتاح في صلاة بصيغة فليقرأه في صلاة أخرى بصيغة أخرى من الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أ
والتنويع في صفات العباة بما يوافق السنة الصحيحة له أثر في طرد ما قد يطرأ على العبادة من صفة العادة والرتابة التي تضعف تأثير العبادة على القلب.

مواقف الناس في عبادتهم لربهم

ما من حسنة إلا وللشيطان فيها نزغتان، نزغة إلى إفراط ونزغة إلى تفريط، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، والعبادة شأنها شأن ذلك، فطائفة فرّطت في عبادة الله سبحانه، ولم تلق بالاً للأوامر الشرعية والشعائر الدينية، وهؤلاء هم العصاة، وطائفة غلت في العبادة، حتى خرجت عن المشروع، فابتدعوا المحدثات، وتعبدوا بالبدع، وطائفة اتبعت الحق وتوسطت الأمر واتبعت المنهج الوسط الذي يوازن بين حاجات الجسد وتطلعات الروح .

تلك كانت لمحة موجزة عن أهمية العبادة وشأنها في الإسلام، فينبغي على المسلم أن يحرص على التزود منها فرضا ونفلا، وأن يؤديها كما أرادها الله خالصة لوجهه من غير رياء ولا سمعة، صافية من البدع والأهواء، فمن حرص على ذلك كان حريا أن تقبل عبادته، وأن ينال رضا ربه، ويدخل جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.







  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-25, 20:22 رقم المشاركة : 195

Icon3 أدلة إثبات وجود الله



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله





إن من أعظم الحقائق وأجلاها في الفطر والعقول حقيقة وجود الله سبحانه وتعالى ، هذه الحقيقة التي اتفقت العقول على الاعتراف بها - وإن أنكرتها بعض الألسن ظلما وعلوا - ، فهي من الوضوح بمكان لا تنال منه الشبهات ، وبمنزلة لا يرتقي إليها الشك .

ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد

وقد تنوعت دلائل وجود الله سبحانه ابتداء من ضمير الإنسان وفطرته ، إلى كل ذرة من ذرات الكون ، فالكل شاهد ومقر بأن لهذا الكون ربا ومدبرا وإلها وخالقا . وأولى هذه الدلائل دليل الفطرة ، ونعني به ما فطر الله عليه النفس البشرية من الإيمان به سبحانه ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدليل فقال : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }( الروم: 30 )، وهذا الدليل باق في النفس الإنسانية بقاء الإنسان نفسه في هذا الكون ، وإن غطته الشبهات ،ونالت منه الشهوات ، إلا أنه سرعان ما يظهر في حالات الصفاء وانكشاف الأقنعة. وفي الواقع أمثلة كثيرة تدلنا على ظهور الفطرة كعامل مؤثر في تغيير حياة الإنسان من الإلحاد إلى الإيمان ، ومن الضلال إلى الهدى ، فذاك ملحد عاين الموت تحت أمواج البحر ، فبرزت حقيقة الإيمان لتنطق على لسانه أن لا إله إلا الله ، فلما نجاه الله أسلم وحسن إسلامه .

وحادثة أخرى تتحدث عن طائرة تتهاوى بركابها ، فتتعالى أصوات الإيمان منهم وقد كانوا من قبل أهل إلحاد وكفر ، وقد سجل الله هذه الظاهرة في كتابه الكريم في أكثر من آية،منها قوله تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا } (الاسراء:67). فهذا هو دليل الفطرة وهو من القوة والمكانة بحيث لا يستطيع أن يدفعه دافع أو ينازع فيه من منازع .

وثمة دليل آخر لا يقل قوة وأهمية عن دليل الفطرة وهو ما أسماه أهل العلم بدليل الحدوث ، ومفاد هذا الدليل أنه لابد لكل مخلوق من خالق ، وهذه حقيقة يسلم بها كل ذي عقل سليم ، فهذا الأعرابي عندما سئل عن وجود الله قال بفطرته السليمة : البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، ألا تدل على العزيز الخبير . فلله ما أحسنه من استدلال وما أعجبه من منطق وبيان .

ومن الأمثلة الأخرى التي تدل على هذه الحقيقة ما روي من أن أحد العلماء طلب منه بعض الملاحدة أن يناظره في وجود الله سبحانه ، وحددوا لذلك موعدا ، فتأخر العالم عنهم وكان تأخره عن قصد ، فلما جاءهم وسألوه عن سبب تأخره قال : لقد حال بيني وبين مجيء إليكم نهر ، ولم أجد ما ينقلني إليكم ، غير أن الأمر لم يطل حتى أتت سفينة ، وهي تمشي من غير أن يقودها قائد ، أو يتحكم فيها متحكم ، فصاح به الملاحدة ماذا تقول يا رجل ؟!! فقال لهم : أنتم أنكرتم أن يكون لهذا الكون خالقا ، ولم تصدقوا أن تكون سفينة من غير قائد ، فاعترفوا وأقروا .

وقد نبه القرآن إلى هذا الدليل في مواضع كثيرة ، قال تعالى : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون () أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون }(الطور:35-36) هما احتمالان لا ثالث لهما إلا الاعتراف بوجوده سبحانه والإيمان به . الاحتمال الأول: أن يكون هذا الخلق من غير خالق ، وهذا مستحيل تنكره العقول إذ لا بد للمخلوق من خالق وللمصنوع من صانع ، فالعدم لا يخلق . والاحتمال الثاني : أن يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم وخلقوا السماوات والأرض ، وهذا مستحيل أيضا إذ لم يدَّع أحد أنه خلق نفسه فضلا عن السماوات والأرض ، ولو ادعى مدع ذلك لاتهم بالجنون والهذيان ، إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه ، فلم يبق إلا أن يكون لهذا الكون خالقاً وموجدا ، وهذا دليل غاية في القوة والبيان لذلك عندما سمعه جبير بن مطعم قال : " كاد قلبي أن يطير " كما ثبت ذلك عند البخاري . فهذه بعض الأدلة على وجوده سبحانه ، وهي أدلة من تأملها وأمعن النظر فيها لم يسعه إلا التسليم بها.








  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-25, 20:29 رقم المشاركة : 196

Icon3 التوحيد حقيقته وأنواعه



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله





التوحيد أول منازل السائرين إلى الله، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة، وهو مفتاح دعوة الرسل، قال تعالى:{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }(النحل:36). وقال تعالى: { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }(الأعراف:59)، وقال هود لقومه: { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }(الأعراف:65) وقال صالح لقومه: { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }(الأعراف:73)، وقال شعيب لقومه: { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }(الأعراف:85 )، والتوحيد أول واجب على العباد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله ) رواه البخاري . وقال صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) متفق عليه.

ولا أدلّ على أهمية التوحيد وعلو مكانته، من اهتمام القرآن به، حتى قال بعض العلماء: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه. فإن القرآن: إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله. فهو التوحيد العلمي الخبري – توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات -، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي - توحيد الإلوهية -، وإما أمر ونهي، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة. فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب . فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد . فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم.

فضل التوحيد :

والأدلة في بيان فضل التوحيد أكثر من أن تحصر ، نذكر منها:
قوله تعالى: { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم }(آل عمران: 18) قال ابن القيم في "مدارج السالكين": " فتضمنت هذه الآية الكريمة إثبات حقيقة التوحيد ، والرد على جميع هذه الطوائف ، والشهادة ببطلان أقوالهم ومذاهبهم " .

وقال تعالى: { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء }(إبراهيم:24) قال ابن عباس : { كلمة طيبة }، " شهادة أن لا إله إلا الله، { كشجرة طيبة } وهو المؤمن، { أصلها ثابت }، يقول : لا إله إلا الله، ثابت في قلب المؤمن، وفرعها في السماء ، يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء".

وأما الأحاديث، فنذكر منها:

1- ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) .

2- ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ( يا أبا هريرة اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنًا بها قلبه ، فبشره بالجنة ) .

3- ما رواه مسلم عن عثمان بن عفان ، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) .

4- ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان ).

5- ما رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( .. خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).

6- ما رواه البخاري في " الأدب المفرد " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه : آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن . ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله ) .

تعريف التوحيد وأقسامه

(التوحيد) لغة: هو جعل الشيء واحداً . وفي الاصطلاح : الإيمان بوحدانية الله عز وجل في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته. وتفصيل ذلك بمعرفة أقسام التوحيد كما بينها العلماء:
أولا : توحيد الربوبية : وهو إفراد الله بأفعاله كالخلق، والملك، والتدبير، قال تعالى: { الحمد لله رب العالمين }(الفاتحة: 1) أي: مالكهم، ومدبر شؤونهم.
والاعتراف بربوبية الله عز وجل مما لم يخالف فيه إلا شذاذ البشر من الملاحدة الدهريين، أما سائر الكفار فقد كانوا معترفين بربوبيته سبحانه – في الجملة - وتفرده بالخلق، والملك، والتدبير، وإنما كان شركهم في جانب الألوهيه، إذ كانوا يعبدون غيره، قال تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون }(العنكبوت:61) أي: فأنى يصرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له.
ثانيا: توحيد الألوهية : وهو إفراده تعالى بالعبادة، وذلك بأن يعبد الله وحده، ولا يشرك في عبادته أحد، وأن يعبد بما شرع لا بالأهواء والبدع، قال تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }(الأنعام:162) وقد كان خلاف المشركين في هذا النوع من التوحيد، لذلك بعث الله إليهم الرسل، قال تعالى: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة }(النحل: 36) .

ثالثا: توحيد الأسماء والصفات : وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تمثيل ، ولا تكييف ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى:11) ، ولتوضيح هذه القاعدة، نورد بعض الأمثلة التوضيحية ، من ذلك أن الله وصف نفسه بأنه: { القوي العزيز }(هود: 66) فموقف المسلم تجاه ذلك هو إثبات هذين الاسمين لله عز وجل كما وردا في الآية، مع اعتقاد اتصاف الله عز وجل بهما على وجه الكمال، فلله عز وجل القوة المطلقة، والعزة المطلقة .
ومثال النفي في الصفات قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ) رواه مسلم ، فموقف المسلم من ذلك هو نفي صفة النوم عن الله عز وجل ، مع اعتقاد كمال الضد، بمعنى: أن انتفاء صفة النوم عنه سبحانه دليل على كمال حياته ، وهكذا القول في سائر الأسماء والصفات .
ولزيادة توضيح حول هذا النوع من أنواع التوحيد انظر مقال "منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته" ومقال "قواعد في الأسماء والصفات".

اعتراض والرد عليه

يجدر التنبيه هنا إلى ما يورده البعض من اعتراض على هذا التقسيم، مدعين أنه تقسيم محدث، لم يسبق إليه أحد من السلف، وأنه لا دليل عليه من الكتاب والسنة، وهذا اعتراض قد ناقشه كثير من أهل العلم، وبينوا أن تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات هو بمثابة شرح وتفسير للتوحيد، وأن أدلة هذا التقسيم منتشرة في الكتاب والسنة، وأنه مأخوذ بالاستقراء منهما، فأنت إذا نظرت إلى معنى توحيد الربوبية، وأنه إفراد الله بأفعاله، وجدت أن أدلة ذلك مبثوثة في الكتاب والسنة، فالله هو المدبر، وهو المالك، وهو الخالق، وهو الرازق، وغير ذلك من صفات الربوبية . وهذا المعنى لا يمكن أن يجحده أحد، ولا أن يخفى على من قرأ كتاب الله سبحانه.
وكذلك القول في توحيد الإلوهية، القاضي بأن يعبد الناس ربهم، ولا يشركوا به شيئاً، فهذا النوع من التوحيد أدلته أكثر من أن تحصر.
أما توحيد الأسماء والصفات فهو كسابقه، من أكثر ما يكون في القرآن، بل قلما تجد آية في الكتاب العزيز غير مختومة باسم أو اسمين من أسمائه سبحانه، فكيف يقال بعد هذا: إن هذا التقسيم غير معروف، ولا دليل عليه ؟!!
قال الشيخ بكر أبو زيد : " هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف، أشار إليهابن منده و ابن جرير و الطبري وغيرهم ، وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم ، وقرره الزبيدي في "تاج العروس"، وشيخنا الشنقيطي في "أضواء البيان" في آخرين؛ رحم الله الجميع، وهو استقراء تامٌّ لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كل فن، كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى اسم، وفعل، وحرف، والعرب لم تَفُهْ بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء ".

ومن الاعتراضات أيضاً في هذا الباب، دعوى من ادعى أن لفظ التوحيد لم يرد في الكتاب والسنة، وهي دعوى غفل صاحبها في إطلاقها؛ إذ قد ورد التعبير بلفظ التوحيد في أحاديث صحيحة، منها ما أخرجه الإمام أحمد عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُعذب ناسٌ من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا حُمماً، ثم تدركهم الرحمة، فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة .. ). وجاء في صحيح مسلم وغيره في كتاب الحج عن جابر - رضي الله عنه - : ( .. فأهلَّ بالتوحيد .. ) ولفظ (التوحيد) هنا وإن جاء على لسان جابر رضي الله عنه، وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن ذلك يدل على أنه كان معروفا عندهم، مشهورا لديهم .

الأدلة العقلية للتوحيد

اتفق العقل مع النقل على أن الله واحد لا شريك له، ومن أوضح الأدلة العقلية على ذلك:
1- دليل وحدة النظام، وهذا الدليل مأخوذ من قوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون }(الأنبياء:22) وتوضيحه؛ أن هذا الكون مخلوق بنظام واحد، وبانسجام تام، فلا تضاد في خلقه، ولا تضارب في سننه وقوانينه، ولو كان هناك خالقان أو أكثر لحصل التناقض والاختلاف في سير الكون ونظامه؛ لأن التعدد يوجب الاختلاف، ولو في جهة من الجهات، ولو اختلفا لظهر ذلك في الكون .

2- دليل وحدة المؤثر، ومما يؤثر عن علي رضي الله عنه أنه قال: " واعلم يا بني، أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد، ولا يزول أبداً " أي أنه لو كان في الكون إله آخر لبعث الرسل، وأنزل الكتب، وأبان عن نفسه، وأمر العباد أن يعبدوه، فلما لم يرسل ولم ينزل، ولا عرف الناس بوجوده، دل على عدم وجوده أصلاً.

3- ثبوت بطلان دعاوى الإشراك به سبحانه، فكل من زعم أن للكون رباً، وإلهاً غير الله، كمن زعم ألوهية الشمس، أو القمر، أو النجوم، أو الكواكب، فقد ثبت بالدليل العقلي والنقلي بطلان ذلك وفساده، فلم يبق إلا الخالق الأجل، الذي اتفقت الشرائع والعقول على إثبات ألوهيته وربوبيته .

شروط التوحيد

مما استقر في الدين، واتفقت عليه كلمة المسلمين، أن التوحيد ليس كلمة تقال باللسان دوناعتقاد وعمل، بل هو قول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، قيل للحسن البصري رحمه الله: إن أناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة ؟ فقال: من قال لا إله إلا الله، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.
وقال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله، منذ سبعين سنة، فقال الحسن: نعم العُدّة، لكن لـ " لا إله إلا الله " شروطاً، فإياك وقذف المحصنة ! .
وقيل لوهب بن منبه : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك. فأسنان "لا إله إلا الله" هي الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، وهي تتفاوت في درجاتها، فبعضها تعلو مرتبته، فيصبح شرطاً في صحة الإيمان، وبعضها تقل مرتبته فيكون واجباً أو مندوباً، يُنقص الإيمان ولا يبطله . وقد بحث العلماء في شروط التوحيد، وما به يكون مقبولاً ونافعاً عند الله، فذكروا سبعة شروط، وفي بعضها تداخل، وهي:
1- العلم بمعناها المنافي للجهل: فلا يكفي أن يرددها الإنسان دون أن يعلم معناها، ليكون من أهلها، قال تعالى لنبيه: { فاعلم أنه لا إله إلا الله }(محمد:19) ، وأخرج مسلم عنعثمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ).
2- اليقين: بمعنى ألا يقع في قلب قائلها شك فيها أو فيما تضمنته، لقوله تعالى:{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون }(الحجرات:15) وقال صلى الله عليه وسلم: ( أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ) رواه مسلم . فلا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين، بل لابد من استيقان القلب، والبعد عن الشك، فإن لم يحصل هذا اليقين فهو النفاق، والمنافقون هم الذين ارتابت قلوبهم ، قال الله تعالى: { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون }(التوبة:45).
3- القبول لما اقتضته هذه الكلمة: والمراد بالقبول ضد الرد والاستكبار، ذلك أن الله أخبرنا عن أقوام رفضوا قول لا إله إلا الله، فكان ذلك سبب عذابهم، قال تعالى: { إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون }(الصافات:34 - 35 )
4- الانقياد لما دلت عليه: بمعنى أن يكون العبد عاملا بما أمره الله به، منتهيا عما نهاه الله عنه، قال تعالى : { ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور }(لقمان:22) ، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: " العروة الوثقى هي لا إله إلا الله" وهذا الشرط يقتضي أن من قالها ولم يعمل خيرا قط مع العلم والقدرة فلا يُحكم له بالإيمان.
5- الصدق: ومعناه أن يقولها صادقا من قلبه، موافقاً قلبه لسانه، قال تعالى: { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون }(البقرة:8-9).
6- الإخلاص: وهو إرادة وجه الله تعالى بهذه الكلمة، قال تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }(البينة: 5 ).
7- المحبة لهذه الكلمة ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها، وبغض ما ناقضها، قال تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله }(البقرة:165) .
إن التوحيد بشموليته وظلاله، يتسع ليقود الحياة في كل جوانبها، حتى يكون قيام الإنسان ونومه، وحركته وسكونه، بل حتى موته، في التوحيد ولأجل التوحيد، كما قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }(الأنعام:162)









  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-26, 20:43 رقم المشاركة : 197

Icon3 الاستهانة بالمحرمات



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله








كتب ربنا على نفسه الرحمة فضلاً منه على عباده، فأباح لهم ما هو طيب ونافع، وحرم عليهم كل ما هو خبيث وضار.قال الله تعالى مبينا سمة شريعة الإسلام:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ ).

وما جعل الله هذه المحرمات للتضييق على العباد، فشرع الله يسر كله ورحمة كله (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ )، (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )، (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ).إنما حرم الله على عباده أشياء معينة صيانة للعباد أنفسهم وحماية لدينهم وعقولهم وأعراضهم وأنسابهم وأبدانهم.انظر إلى المحرمات وتدبر واسأل نفسك عن الفوائد التي تجنيها المجتمعات من خلال هذا التحريم.

خذ مثلا تحريم القتل والاعتداء على الأنفس، إذا التزم الناس به شاع في الناس الأمن على الأنفس والأبدان وإذا التزم الناس بتحريم السرقة أمنوا على أموالهم وممتلكاتهم، وإذا التزم المجتمع بتحريم الزنا ووسائله أمنوا على أعراضهم وأنسابهم.

وإذا التزموا بتحريم المسكرات والمخدرات حفظت عقولهم، وإذا التزموا تحريم قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وأذية الجيران شاعت المودة والألفة والرحمة..فأي سمو في التشريع هذا الذي عليه تشريع الإسلام!!لكن إذا نظرنا إلى الواقع لوجدنا فئات من الناس قد استهان بالمحرمات فتجرأت عليها غير مبالين بنظر الله تعالى إليهم، وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول:

" إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب وقع على نفسه فقال به هكذا".

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بالمحرمات وإن ظن العبد أنها ليست ككبائر الذنوب فقال صلى الله عليه وسلم: " إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه"

وضرب لهن مثلا فقال: "كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سواداً فأججوا نارا، وأنضجوا ما قذفوا فيها".

ومحقرات الذنوب هي ما لا يبالي المرء به من الذنوب، وما يعدونه صغائر، لأن إدمان الصغائر يودي إلى ارتكاب كبارها.إن العبد إذا كان قوي الإيمان تحرج من كل معصية صغرت أو كبرت لأنه ينظر إلى عظمة من عصاه، أما إذا ضعف الإيمان عند العبد فإنه يتجرأ على المعاصي ويستهين بها، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن،ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".فاستهانة العبد بالمحرمات وشعوره أنه لم يفعل شيئا هو بحد ذاته دليل على ضعف الإيمان، وهو أيضا سبب لتعظيم الذنب بحق مرتكبه كما أكد على ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله:ويدل على هذا المعنى ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات".لقد عظموا حرمات الله حين قوي الإيمان في نفوسهم، واستشعروا في جميع أحوالهم عظمة الله ومراقبته، يقول بلال بن سعد: " لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت".وإذا تمادى العبد في ارتكاب الذنوب مستهينا بها غير مبالٍ بنظر الله تعالى إليه فربما عوقب بعقوبة أخرى أشد وهي تزيين المنكر بحيث يظن عند ارتكابه أنه يحسن الصنع:(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).إن العبد قد لا يصل إلى هذا الحال الذي لا يحبه الله دفعة واحدة، بل يبدأ مسلسل الانحراف والانحدار خطوة خطوة، ولهذا حذرنا الله تعالى من اتباع خطوات الشيطان:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين).إن الشيطان قاعد للإنسان بالمرصاد يوسوس له ويلقي عليه الشبهات والأباطيل ليضله عن سبيل الله أو على الأقل يجعل سيره في هذه الطريق محفوفا بالتضييع والتفريط.

وحين يستجيب المسلم لهذه الوساوس، ويتبع تلك الشهوات يُبتلى بالاستهانة بالمحرمات وإذا وصل إلى هذه الحال فلربما سقط من عين الله تعالى، كما قال بعضهم في أمثال هؤلاء:

هانوا على الله فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم.وقال الله تعالى: (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ).

فلا يظنن من تيسرت له أسباب المعاصي أن ذلك بذكائه وفطنته أو جماله وخفته، إنما ذلك والله لهوانه على الله وسقوطه من عين ربه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد أن يعلم ما له عند الله، فلينظر ما لله عنده" رواه الدارقطني، وأبو نعيم في الحلية، وزاد الحاكم: " فإن الله يُنزل العبد منه حيث أنزله من نفسه".

فليستحضر العبد عظمة ربه واطلاعه عليه ومراقبته إياه: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ)، (لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ).ثم ليوقن أنه سيقف بين يدي ربه يوم القيامة وستنطق جوارحه بما فعلت، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول العبد يوم القيامة: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، فيقول: (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)، وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بنيه وبين الكلام، فيقول: بُعداً لكن وسُحقاً، فعنكن كنت أناضل".

فحري بنا أن نحاسب أنفسنا اليوم قبل أن نحاسب غداً.

العـمر ينقص والذنـوب تـزيد وتُقال عثرات الفتى فيعود
هل يستطيع جحود ذنبٍ واحدٍ رجلٌ جوارحه عليه شهود

نسأل الله أن يتوب علينا، وأن يجعلنا ممن يعظمون حرماته ويقفون عند حدوده، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وآله وصحبه والتابعين.








  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-27, 19:42 رقم المشاركة : 198

Icon3 من غشنا فليس منا



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله





عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني) رواه مسلم.

وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم : (من غشنا فليس منا) .

معاني المفردات

السماء : المطر
الصُبْرة : الكومة المجموعة بلا كيل ولا وزن.

تفاصيل الموقف

الغشّ ظاهرةٌ اجتماعيّة خطيرة، يقوم فيها الكذب مكان الصدق، والخيانة مكان الأمانة، والهوى مقام الرّشد، نظراً لحرص صاحبها على إخفاء الحقيقة، وتزيين الباطل، ومثل هذا السلوك لا يصدر إلا من قلبٍ غلب عليه الهوى، والانحراف عن المنهج الرّباني.

ومظاهر الغش والخداع كثيرةٌ، جاء أحدها في موقفٍ سجّله لنا التاريخ، وفيه أنه النبي –صلى الله عليه وسلم- كانت له زيارةٌ إلى السوق ليشتري ما يحتاجه، فاستوقفه منظر كومة من طعام –جاء في المستدرك أنها من الحنطة- وقد عرضها صاحبها للبيع.

ومن النظرة الأولى أُعجب النبي –صلى الله عليه وسلم- بالطعام فهو يبدو فائق الجودة والنضارة، لكن الفحص الدقيق يُظهر ما كان خافياً، فقد أدخل النبي عليه الصلاة والسلام يده الشريفة إلى تلك الكومة فإذا بها مبتلّةٌ على نحوٍ يوحي بقرب فسادها.

استدار النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى الرجل، وألقى إليه بنظرةِ لائمٍ وأتبعها بسؤال المعاتب: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ، فأطرق الرجل رأسه في خجل وقال: ": أصابته السماء يا رسول الله"، وكأنه يريد أن يعتذر عن فعلته ولكن بما لا يُعتذر به، وأن يُبرّر موقفه ولو بأقبح التبريرات، كل ذلك محاولةً منه في تخفيف غضب النبي عليه الصلاة والسلام وعتابه.

لكنّه رسول الله، ومعلّم البشريّة، ومتمّم الأخلاق، ما كان له أن يتغاضى عن موقفٍ كهذا، وليس الموقف موقف مجاملات أو صفحٍ عن خطأ فردي، ولكنّه أوان ترسيخ مبدأ عظيم يحفظ حقوق الناس ويصونها من العبث والتدليس: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني)

إضاءات على الموقف

حقيقة الغش هو تقديم الباطل في ثوب الحق، الأمر الذي ينُافي الصدق المأمور به والنصح المندوب إليه، وقد صحّ الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه، ومن هذا المنطلق جاء تحريم الغشّ حتى يُعامل كل فردٍ من أفراد المجتمع غيره بما يُحبّ أن يُعاملوه به، فكما لا يرضى الخديعة والاحتيال على نفسه فكيف يرضاه على الآخرين؟

ومن العار على الشرفاء أن يرضوا على أنفسهم بمثل هذه الدناءة الخُلُقيّة، فعلاوةً على كونها معصيةً صريحة لله ورسوله، وأكلاً لأموال الناس بغير حق، فهي كذلك سببٌ في ضياع الذمم وانعدام الثقة وإشاعة البغضاء، وقد أوضح النبي –صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: ( بيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما ) متفق عليه.

وإذا جئنا إلى صور الغشّ في البيع فهي كثيرة جداً، ومن ذلك: التطفيف في المكيال وعدم إيفاء الوزن حقه بما يتنافى مع قوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} ( الإسراء: 35)، ومن ذلك بيع التصرية: وهو ترك حلب الناقة مدّة قبل بيعها لإيهام المشتري بكثرة لبنها، ومن صورها: إطعام النحل للسكّر حتى تُكثر نتاجها، وخلط الماء باللبن حتى يكثر، وبيع البضائع المقلّدة على أنها أصليّة، ومنع المشتري من فحص السلعة أو تجريبها قبل شرائها، وقريحة من لا خلاق لهم لا تنضب من ابتكار صورٍ جديدة له في كلّ عصرٍ وبلد، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

على أن مفهوم الحديث أوسع من دلالته على تحريم الغش في مجال المعاملات المالية فحسب، فقد خرج مخرج القاعدة الشموليّة التي تخاطب جميع أنواع الحياة، فيكون الغشّ في الزواج بإخفاء عيوب الزوجة، أو منافاة الأمانة في عدم بيان حال من تقدّم للخطوبة وأخلاقه ودينه، ويكون الغشّ في النطاق الوظيفيّ في العمل بما يحقّق المصالح الشخصيّة ولو كان على حساب الآخرين، ويكون الغش مع العلماء في كتم النصيحة عنهم، فضلاً عن أشهر أنواع الغشّ وأكثرها خطورة: غش الطلاّب في الامتحانات.

ولن يكون علاج مثل هذا الداء العضال إلا بإيقاظ الضمائر وإحياء جانب المراقبة عند الأفراد، فيعلم كل فردٍ أن الله مطّلع على أعماله وسوف يحاسبه، ويتزامن ذلك مع إيجاد عقوبات رادعة تُعاقب كل من سوّلت له نفسه خيانة الأمانة، وبذلك يتحقّق الأمن وتنتشر الأمانة، ويسود الإخاء في أرجاء الأمّة.








  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-28, 15:51 رقم المشاركة : 199

Icon3 التخطيط للخطبة




ملاحظة متجدد كل جمعة بحول الله

التخطيط: هو تصور ذهني مسبق لما سيقوم الخطيب بتناوله في الخطبة، وهو الكيفية الصحيحة التي يُقَدِّمُ لها. ولهذا علينا أن نضع في فكرنا إعداد خطبة متكاملة، متناسقة، محضر لها، لكي لا تضطرب الأفكار، وتختل المفاهيم، مما يؤدي إلى اهتزاز في الأسلوب، وعدم ترابط بين العبارات، وعدم تناسق الحديث، وتكون في أغلب الأحيان فارغة من المعنى، خالية من المضمون، غير صادقة اللهجة، ولا سديدة الفكرة. فلا ترتفع بعقلية المصلي، ولا تسمو بعواطفه، ولا تؤثر في وجدانه، ولا تحرك في قلبه خشية الله، ولهذا على الخطيب أن يخطط لخطبته تخطيطا دقيقا، ويدرسها دراسة واعية، شاملة.


وهناك خطوات ينبغي مراعاتها عند التخطيط لخطبة الجمعة، وهي على النحو التالي:
الأولى: اعرف مستمعيك أول خطوة في التخطيط للخطبة هي معرفة جمهور المستمعين فعليك مثلا أن تعي طبيعة المجموعة التي ستتحدث إليها والقضايا التي تهم الحاضرين، ومن تحدث إليهم قبلك، وما مواقف المستمعين تجاه موضوع الحديث كما ينبغي التعرف على أي عناصر مشاكسة موجودة بين الحاضرين والعناصر "الصديقة" أو المتعاطفة مع آراء المتحدث.ولتحقيق جو من الألفة والتواصل مع جمهور المستمعين، على المتحدث أن يصل مكان الاجتماع مبكرا، وأن يكون بين آخر المنصرفين هذا من شأنه أن يمكن المتحدث من التعرف على بعض الحاضرين واكتشاف العناصر الحليفة بينهم كما يوفر فرصة للتحدث إلى المعارضين والتعرف عليهم بصفة شخصية إذا دعت الحاجة إلى الإشارة إليهم بالاسم أثناء الحديث وإلى آرائهم كنوع من إبداء التقدير والاحترام لهم، ويمكن الاستفادة من ذلك لتعزيز وتقوية بعض النقاط التي سترد في الخطبة أو الحديث. الثانية: أكد مصداقيتك يستجيب الجمهور المستمع للمتحدث إذا اقتنع بمصداقيته ولتأكيد هذه المصداقية فإن على المتحدث أن يكون على دراية تامة بالموضوع الذي يتناوله، وأن يكون بإمكان مستمعيه أن يصدقوه فيما يطرح من أفكاره، وأن يكسب بتصرفاته حب الجمهور وإقباله عليه. فعندما آن الأوان لأن يجهر رسول الله -عليه السلام- لأهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه وقف على جبل الصفا ودعاهم للتجمع ليخطب فيهم بأن قال: ) يا معشر قريش، لو أخبرتكم أن جيشا يوشك أن يظهر عليكم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقي؟ فقالوا: نعم. وذلك لأنهم لم يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاما، وبعد أن أكّد مصداقيته لديهم قال لهم: ) فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(.


وذكر أهل العلم بأن هناك ثلاثة أمور تلعب دورا كبيرا على مستوى كبير من الأهمية والتأثير في نطق الخطيب:
الأمر الأول: شخصية ومكانة الخطيب في أذهان الرأي العام، فكلما ازداد حب المجتمع للخطيب، ورغب إليه، كلما اهتم بحديثه، وأعطوه أدنى صاغية، وكان كلامه أكثر وقعا وتأثيرا.


الأمر الثاني: موضوع الخطيب المعلن للمستمعين، الذي يريد أن يتناوله الخطيب، حيث تزداد رغبتهم إلى الاستماع، بالمقدار الذي يراه الجمهور المخاطَب مهما في معالجة قضاياهم الدينية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وأمثالها.


الأمر الثالث: مهارة الخطيب، وكيفية إلقاء الخطاب، وتشكيل الكلمات، فالخطيب الماهر في الخطابة، يستطيع أن يلقي خطبته بشكل جميل، يستقطب ألباب مستمعيه ما استطاع، فمهارة الإلقاء، ليست أقل أهمية من مادة الخطبة في بيان الموضوع، إن لم تكن أهم منها، كما قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (رب كلام أنفذ من السهام).


يتبع إن شاء الله ....




  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-29, 14:58 رقم المشاركة : 200

Icon3 عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله




الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد :

فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة ؟

حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:

1- التوبة الصادقة :

فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].

2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :

فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت

3- البعد عن المعاصي:

فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

فضل عشر ذي الحجة

1- أن الله تعالى أقسم بها:

وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.

2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:

قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.

3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:

فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]

4- أن فيها يوم عرفة :

ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0

5- أن فيها يوم النحر :

وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].

6- اجتماع أمهات العبادة فيها :

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

فضل العمل في عشر ذي الحجة

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:

1- أداء مناسك الحج والعمرة.

وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.

2- الصيام :

وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.


3- الصلاة :

وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].

4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:

فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.

5- الصدقة :

وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:

قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.






آخر تعديل Musulman 2011-10-29 في 15:00.
  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-30, 06:53 رقم المشاركة : 201

Icon3 من دلائل النبوة : نبي ، وصِدِّيق ، وشهيد



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله





الموت وما يتعلق به علم اختص الله ـ عز وجل ـ به نفسه ، فهو وحده من يعرف أعمار البشر وأماكن قبض أرواحهم وطريقة موتهم ، قال الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً }(آل عمران: من الآية145) ، وقال : { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }(لقمان: من الآية34) ..

وجاءت أدلة تفيد أن الله تعالى استثنى من خلقه من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم ، وجعله معجزة لهم ، ودلالة صادقة على نبوتهم ، قال تعالى: { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً }(الجـن : 26 : 27) ..

وقد أعلم الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بزمان وكيفية موت بعض أصحابه وآل بيته وغيرهم من أعدائه ، وكان وقوع ما أخبر به ـ صلى الله عليه وسلم ـ دليلا من دلائل نبوته ، وعلما من أعلام رسالته ، إذ لا يمكن لأحد معرفة ذلك والإخبار به إلا من قِبَل الله علام الغيوب ..

ومن ذلك : إخباره ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن عمر وعثمان وعلي وطلحة ـ رضي الله عنهم ـ بأن موتهم لن يكون على فرشهم ، بل يموتون شهداء ..

فعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على حراء ، هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير ، فتحركت الصخرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( اهدأ ، فما عليك إلا نبي ، أو صِدِّيق ، أو شهيد )(مسلم) .
فشهد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنفسه بالنبوة ، ولأبي بكر بالصديقية ، ولعثمان وعلي وطلحة بالشهادة ..

قال النووي : " وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها : إخباره أن هؤلاء شهداء وماتوا كلهم غير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـوأبي بكر شهداء ، فإن عمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير ـ رضي الله عنهم ـ قُتِلوا ظلما شهداء ، فقتل الثلاثة مشهور ، وقتل الزبير بوادي السباع بقرب البصرة منصرفا تاركا للقتال ، وكذلك طلحة اعتزل الناس تاركا للقتال فأصابه سهم فقتله ، وقد ثبت أن من قُتِل ظلما فهو شهيد .." .

وقد بشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ مرة أخرى بالشهادة ، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى على عمر قميصا أبيض ، فقال : ( ثوبك هذا غسيل أم جديد ؟ ، قال لا ، بل غسيل ، قال : البس جديدا ، وعِشْ حميدا ، ومُت شهيدا )(ابن ماجه) ..

وكان ما قاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي إماما بالمسلمين في صلاة الصبح ..

وأما عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حائط من حيطان المدينة ، فجاء رجل فاستفتح ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : افتح له وبشره بالجنة ففتحت له ، فإذا أبو بكر ، فبشرته بما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فحمد الله .. ثم جاء رجل فاستفتح ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : افتح له وبشره بالجنة ، ففتحت له فإذا هو عمر ، فأخبرته بما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فحمد الله .. ثم استفتح رجل ، فقال لي : افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ، فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ فحمد الله ثم قال : الله المستعان )(البخاري) .

أما ثالث المبشرين بالشهادة في هذا الحديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقد شهد موقنا بأنه سيموت شهيدا لإخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له بذلك ، فعن زيد بن أسلم : أن أبا سنان الدؤلي حدثه أنه عاد عليا ـ رضي الله عنه ـ في شكوة اشتكاها فقلت له : لقد تخوفنا عليك يا أبا الحسن في شكواك هذا ، فقال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ( إنك ستضرب ضربة هاهنا وضربة هاهنا ـ وأشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك ، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود )(الحاكم) . فكان لسان حال علي ـ رضي الله عنه ـ ما قاله عبد الله بن رواحة ـ رضي الله عنه ـ :

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ من الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

ومن هؤلاء الذين أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن موتهم ـ حفيده ـالحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ ، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لإحدى زوجاته : ( لقد دخل عليَّ البيت ملك لم يدخل علي قبلها فقال لي : إن ابنك هذا : حسين مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يُقتل بها . قال : فأخرج تربة حمراء )(أحمد).

ومن دلائل نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ إخباره لابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أنه يموت قبلها ، وأنها أول أهله موتا بعده ..

عن عائشة ـ رضي الله عنه ـ قالت : ( اجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يغادر منهن امرأة فجاءت فاطمة تمشى كأن مشيتها مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال : مرحبا بابنتي ، فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم إنه أسرَّ إليها حديثا فبكت فاطمة ، ثم إنه سارها فضحكت أيضا ، فقلتُ لها : ما يبكيك ؟ ، فقالت : ما كنت لأفشى سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن ، فقلت لها حين بكت : أخصَّك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديثه دوننا ثم تبكين !! ، وسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشى سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. حتى إذا قُبِضَ سألتها فقالت : إنه كان حدثني : أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة وإنه عارضه به في العام مرتين ولا أراني إلا قد حضر أجلى ، وإنك أول أهلي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك .. فبكيتُ لذلك ، ثم إنه سارني فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ، فضحكت لذلك ..)(مسلم) .

قال النووي : " .. ( فأخبرني أني أول من يلحق به من أهله فضحكت ) : هذه معجزة ظاهرة له ـ صلى الله عليه و سلم ـ بل معجزتان ، فأخبر ببقائها بعده ، وبأنها أول أهله لحاقا به ووقع كذلك .." ..

وصدق حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ حين قال مادحا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

نبيّ يرى ما لا يرى النّاس حوله ويتلو كتابَ الله في كلّ مشهد
وإن قال في يومٍ مقالة غائب فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد







آخر تعديل Musulman 2011-10-30 في 06:56.
  رد مع اقتباس
قديم 2011-10-31, 11:11 رقم المشاركة : 202

Icon3 والباقيات الصالحات خير




الموضوع الرابع

و الباقيات الصالحات خير





من دَأْبِ القرآن الكريم بين الحين والآخر في آياته، أن يزهد عباده في الحياة الدنيا وزينتها، ويدفع بهم إلى التطلع إلى رحاب الآخرة؛ وذلك أن العاقل يعمل لما هو باق ودائم، ويدع ما هو فان وزائل. والبعيد النظر يسعى لما هو خير وأبقى، ويزهد بما هو أقل وأدنى.

ومن الآيات التي قررت هذا المعنى قوله سبحانه: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } (الكهف:41). لنا مع هذه الآية الكريمة هذه الوقفات:
الوقفة الأولى: نزلت هذه الآية رداً على بعض المشركين، الذين كانوا يتباهون بأموالهم وبنيهم، ويحسبون أنهم بذلك يفضلون على المؤمنين. فأنزل الله سبحانه هذه الآية؛ ليبين أن ما افتخر به هؤلاء المشركون من المال والبنين إنما ذلك { زينة الحياة الدنيا } المحقرة، وأن مصير ذلك إنما هو إلى النفاد، فينبغي على العاقل أن لا يكترث بهذه المغريات.

الوقفة الثانية: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }، أخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا، فهو غرور غير باق، كالهشيم تذروه الرياح؛ إنما يبقى ما كان من زاد الآخرة. فقد كان يقال: لا تعقد قلبك مع المال؛ لأنه غُنْمٌ ذاهب، ولا مع النساء؛ لأنهن اليوم معك، وغداً مع غيرك، ولا مع السلطان؛ لأنه اليوم لك وغداً عليك. قال القرطبي : "إنما كان {المال والبنون زينة الحياة الدنيا }؛ لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا { زينة الحياة الدنيا }، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين؛ لأن المعنى: المال والبنون زينة هذه الحياة المحتقرة، فلا تتبعوها نفوسكم".

وقال أبو حيان : "كل ما كان { زينة الحياة الدنيا } فهو سريع الانقضاء؛ فـ { المال والبنون } سريع الانقضاء، ومن بديهة العقل أن ما كان كذلك، يَقْبُح بالعاقل أن يفتخر به، أو يفرح بسببه".
وثمة لفتة بلاغية ذكرها ابن عاشور هنا، قال: "وتقديم (المال) على (البنين) في الذكر؛ لأنه أسبق خطوراً لأذهان الناس؛ لأنه يرغب فيه الصغير والكبير، والشاب والشيخ، ومن له من الأولاد ما قد كفاه؛ ولذلك أيضاً قُدِّم في بيت طَرَفة :
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي بنون كرام سادة لمسود".
الوقفة الثالثة: { والباقيات الصالحات }، ذكر المفسرون عدة أقوال في المراد من هذه الجملة من الآية:

فقال بعضهم: هي الصلوات الخمس. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (الباقيات الصالحات): الصلوات الخمس.

وقال بعضهم: هي ذكر الله بالتسبيح، والتقديس، والتهليل، ونحو ذلك. روى الطبري عن الحارث مولى عثمان بن عفان ، قال: قيل لـ عثمان : ما الباقيات الصالحات؟ قال: هن: لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وروي هذا أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما، و مجاهد ، و عطاء ، وآخرين. وهذا هو اختيار جمهور المفسرين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( استكثروا من الباقيات الصالحات )، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: ( التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله )، رواه مالك و ابن حبان ، وصححه الحاكم .

وقال بعضهم: هي العمل بطاعة الله. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: { والباقيات الصالحات }، قال: الأعمال الصالحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

وعن علي بن أبي طلحة ، و ابن عباس رضي الله عنهما، قالا: {والباقيات الصالحات }: هي ذكر الله، قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، وتبارك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله، وصلى الله على رسول الله، والصيام والصلاة، والحج، والصدقة، والعتق، والجهاد، والصلة، وجميع أعمال الحسنات، وهن الباقيات الصالحات، التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السماوات والأرض. وروي عن ابن زيد ، قال: { والباقيات الصالحات }: الأعمال الصالحة.

وقال بعضهم: هي الكلام الطيب. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: { والباقيات الصالحات } قال: الكلام الطيب.

والحق، أن هذه الأقوال جميعها لا تعارض بينها، وهي متقاربة من حيث المعنى، ويكفيك في هذا، أن جميع الأقوال المذكورة في المراد من هذه العبارة، قد وردت فيها آثار عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد رجح الطبري أن أولى الأقوال بالصواب، قول من قال: هن جميع أعمال الخير؛ لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويثاب، وإن الله عز ذكره لم يخصص من قوله: {والباقيات الصالحات } بعضاً دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد أن ذكر القرطبي ترجيح الطبري ، قال: "وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن كل ما بقي ثوابه، جاز أن يقال له هذا. وقال علي رضي الله عنه: الحرث حرثان، فحرث الدنيا المال والبنون؛ وحرث الآخرة الباقيات الصالحات، وقد يجمعهن الله تعالى لأقوام".

ولا يعارض ما اختاره الطبري ما جاء في الحديث المتقدم، الذي خصص به الجمهور هذه العبارة المطلقة، أن (الباقيات الصالحات) هن: التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اعتبر هذه الأمور هن من الباقيات الصالحات، ولم يقل: هن جميع الباقيات الصالحات، ولا كل الباقيات الصالحات، وجائز أن تكون هذه باقيات صالحات، وغيرها من أعمال البر أيضاً باقيات صالحات.

ثم إن ابن عاشور قال بخصوص هذه العبارة قولاً مفيداً، ونص قوله: "كان مقتضى الظاهر في ترتيب الوصفين، أن يقدم { الصالحات } على (الباقيات)؛ لأنهما وإن كانا وصفين لموصوف محذوف إلا أن أعرفهما في وصفية ذلك المحذوف هو { الصالحات }؛ لأنه قد شاع أن يقال: الأعمال الصالحات، ولا يقال: الأعمال الباقيات؛ ولأن بقاءها مترتب على صلاحها، فلا جرم أن { الصالحات } وصف قام مقام الموصوف، وأغنى عنه كثيراً في الكلام حتى صار لفظ { الصالحات } بمنزلة الاسم الدال على عمل خير، وذلك كثير في القرآن قال تعالى: { وعملوا الصالحات } وفي كلامهم. ولكن خولف مقتضى الظاهر هنا، فقدم (الباقيات)؛ للتنبيه على أن ما ذُكر قبله، إنما كان مفصولاً؛ لأنه ليس بباقٍ، وهو المال والبنون. فكان هذا التقديم قاضياً لحق الإيجاز؛ لإغنائه عن كلام محذوف، تقديره: أن ذلك زائل، أو ما هو بباق، والباقيات من الصالحات خير منه".

الوقفة الرابعة: { خير عند ربك ثوابا }، أي: أن الأعمال الصالحة دائمة باقية، وفعل الخيرات نافعة رافعة، وخيرات الدنيا منقرضة فانية، والدائم الباقي خير من المنقرض المنقضي.

الوقفة الخامسة: { وخير أملا }، أي: خير رجاء؛ لأن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ونصيبه في الآخرة، دون ذي المال والبنين العاري من الباقيات الصالحات، فإنه لا يرجو ثواباً. قال الرازي : "كل عمل أريد به وجه الله، فلا شك أن ما يتعلق به من الثواب وما يتعلق به من الأمل، يكون خيراً وأفضل؛ لأن صاحب تلك الأعمال يؤمل في الدنيا ثواب الله ونصيبه في الآخرة".

وقال ابن عاشور : "إن أمل الآمل في المال والبنين، إنما يأمل حصول أمر مشكوك في حصوله، ومقصور على مدته. وأما الآمل لثواب الأعمال الصالحة، فهو يأمل حصول أمر موعود به من صادق الوعد، ويأمل شيئاً تحصل منه منفعة الدنيا ومنفعة الآخرة، كما قال تعالى: { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } (النحل:97).

الوقفة السادسة: هذه الآية الكريمة ورد لها شبيه، وذلك قوله تعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا } (مريم:76)، وقوله سبحانه: { قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا * وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا } (مريم:74).

ختاماً، نشير إلى أن هذه الآية ونحوها من الآيات، لا ينبغي أن يُفهم منها الزهد التام في الدنيا، والإعراض عنها، فليس هذا المراد من الآية حقيقة، وإنما المراد منها التنبيه على أن الدنيا لا ينبغي أن تكون هي الهم الأكبر للمؤمن، ولا أن تكون الشغل الشاغل للمسلم، بل الآخرة هي الأساس، والدنيا طريق إلى الآخرة. فلا يليق بالعاقل أن يجعل ما هو وسيلة غاية، فإن هذا قلب للموازين، وبُعْدٌ عن سواء السبيل.

يتبع إن شاء الله في موضوع سادس








آخر تعديل Musulman 2011-10-31 في 11:13.
  رد مع اقتباس
قديم 2011-11-02, 07:52 رقم المشاركة : 203

Icon3 عشر ذي الحجة.. واغتنام مواسم الخيرات



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله







اتفقت كلمة العقلاء والعلماء على أن الليل والنهار يحملان العبد إلى أجله، وأن من كانت مطيته الليل والنهار سير به وإن لم يسر، فالأيام مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى يُنتهَى بهم إلى آخر سفرهم، والسعيد من اغتنم خيرها، والبعيد من حرم استغلالها، وفرط في حق نفسه وربه بتضييعها، ولم يقدم لنفسه زادًا، وانقطاع السفر عن قريب، والأمر عاجل وكأني به قد بغتك.

لقد جعل الله الليل والنهار خلفة يتبع بعضهما بعضًا ويخلف أحدهما الآخر ليكون في كل واحدٍ من صاحبه وسابقه مستعتب، فمن عجز عن السابق عمل في اللاحق: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً)[الفرقان:62].

على أن أيام الله ليست كلها عند الله سواسية، بل فضل بحكمته بعضها على بعض، واختار بعضها من بعض، "فلله خواص من الأزمنة والأمكنة والأشخاص". (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)[القصص: 68].

وقد اختار الله من الأيام أياما جعلها مواسم خيرات، وأيام عبادات، وأوقات قربات، وهي بين أيام السنة كالنفحات، والرشيد السعيد من تعرض لها، ونهل من خيرها، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الطبراني بسند حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده].(حسنه الألباني في الصحيحة).

ومن هذه المواسم النيرات، والنفحات المباركات، أيام العشر الأول من ذي الحجة الحرام، فقد اختارها الله على ما سواها، ورفع شأنها واجتباها، وجعل ثواب العمل فيها غير ثوابه فيما دونها، علاوة على ما خصها الله به من أعمال فريضة الحج التي لا تكون في غيرها.

فضائل عشر ذي الحجة:

فمن مظاهر هذه الاختيار وذلكم التكريم والتعظيم:
  • إقسام الله تعالى بها في كتابه: والله لا يقسم في كتابه إلا بعظيم. قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الفجر:1، 2]. قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري.
  • وهي الأيام المعلومات في قوله تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) قال ابن عباس: أيام العشر كما في تفسير ابن كثير.
  • اشتمالها على أعمال الحج: الذي هو من أفضل الأعمال وأعظمها أجرا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله. قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: ثم ماذا؟ قال حج مبرور] (متفق عليه).
  • وجود يوم عرفة فيها: وهو اليوم الذي يباهي الله بأهل الموقف ملائكته ففي الحديث: [إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي].(رواه الطبراني عن ابن عمر وحسنه الألباني) .. هذا مع ما فيه من مغفرة الذنوب للعباد وبسط يد الرحمة والعفو والتوبة. وما جعل الله للصائم فيه من مغفرة ذنوب سنتين جميعا.
  • وفيها يوم الحج الأكبر: الذي هو خير أيام الدنيا على الإطلاق وهو أعظم الأيام حرمة عند الله تعالى.. فقد روى الترمذي والنسائي والبيهقي عن عمرو بن الأحوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: [أيها الناس أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ قالوا: يوم الحج الأكبر. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا...] الحديث.
قال ابن القيم رحمه الله: "خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر" كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: [إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر]." ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وأكثر الناس يغفل عن فضيلة هذا اليوم فينتبه.
  • وفيها أيام منى: التي هي أيام رمي الجمار وهي عيد أهل الإسلام وأيام أكل وشرب وذكر لله تعالى
  • ثم ما فيها من الأضاحي والتزام أمر الله وإحياء سنن المرسلين محمد وإبراهيم عليهما أزكى الصلوات والتسليم.
ولما كانت أيام العشر تحوي كل هذه الفضائل قدمها بعض أهل العلم في الفضل على أيام العشر الأواخر من رمضان، وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا تفصيلا صافيا وأورد كلاما شافيا كافيا فقال: "الأيام العشر الأول من ذي الحجة خير من أيام العشر الأواخر من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان خير من ليالي العشر الأوائل من ذي الحجة".
وقال ابن حجر في الفتح : "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".

فضل العمل فيها

أما عن فضل العمل في أيام العشر، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء].

وعند الإمام البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى...].(قال الألباني سنده جيد).

وروي الطبراني في معجمه الكبير بإسناد جيد: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير].


ما يستحب من العبادات فيها:

1- الحج :

إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما . والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة]متفق عليه.

2- الصيام:

فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر، والصيام من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: [كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به] (البخاري).

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: [كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. أول اثنين من الشهر وخميسين](النسائي وأبو داود وصححه الألباني).


3ـ صوم يوم عرفة لغير الحاج:

وهو وإن كان من أيام التسع إلا أننا خصصناه بالذكر تنبيها على فضله ففيه زيادة أجر ورجحان مثوبة.. فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ] أخرجه مسلم . فلا يفوتنك أخي المؤمن هذا الأجر العظيم.

4. الأضحية يوم العيد :

فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : [ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا] (متفق عليه). والصفحة هي جانب العنق.. والسنة أن يشهد المضحي أضحيته، وأن يباشرها بنفسه، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز، ولو كانت خارج البلاد.. وتجزيء الشاة عن واحد والبدنة أو البقرة عن سبعة.

5- الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير :

فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر وسائر أنواع الذكر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة ؛ قال الله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) (الحج/28). والجمهور على أنها أيام العشر كما ذكرنا عن ابن عباس وغيره.

وفي المسند عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد] (وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر).

والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولاسيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

6ـ التكبير دبر الصلوات:

وهذا أيضا مما يسن في هذه الأيام ومن صالح العمل فيها، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال : " كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر" أخرجه ابن المنذر والبيهقي .و صححه النووي وابن حجر. وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.

قال ابن تيمية : " أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة .. " ( مجموع الفتاوى 24/20) . وقال ابن حجر: "وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى . أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم " ( الفتح 2/536) .

أما صيغة التكبير:

أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرًا.
ب) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.

وهذه الصيغ ذكرها كلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .. وقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح أثر ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد " .

7ـ سائر أعمال البر:

كالصدقات ونوافل الصلوات، وصلة الأرحام، ومراعاة الأيتام، وكل عمل صالح سواها، فهي كلها داخلة في العمل الصالح الذي هو في هذا الشهر أفضل من غيره.

فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل. نسأل الله أن يديم علينا أيام النعم ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.







  رد مع اقتباس
قديم 2011-11-02, 08:53 رقم المشاركة : 204

Rules معجزة الذبح في الاسلام





معجزة الذبح في الاسلام



سؤال : دكتور جون ... لو قُطعت العروق الدموية التي في مقدمة الرقبة عند الحيوان فما الذي يحدث لهذا الحيوان ؟؟

ـ الدكتور : ما يحدث علمياً للحيوان أو الإنسان عند قطع العروق الدموية الموجودة في مقدمة الرقبة ، هو إصابة هذا الكائن الحي بالإغماء فوراً ...


ثم قام الدكتور بإعطاء مثال لذلك فقال لو تم خنق أحد الأشخاص من رقبته ، وضُغط عليها قليلاً فإنه سرعان ما يصاب بدوار شديد وعدم تركيز ، وذلك لصعوبة وصول الدماء إلى المخ ، وإذا زادت مدة الضغط على الرقبة يفقد الإحساس ويصاب بالإغماء.


سؤال : إذاً ... قطع العروق الدموية الموجودة في مقدمة الرقبة عند الحيوان المذبوح وإخراج الدماء لخارج جسم الحيوان يُفقده الوعي؟الدكتور: نعم ... بالطبع .


سؤال : إذاً هل يشعر الحيوان المذبوح بأي آلام بعد قطع الرقبة مباشرة ؟ الدكتور : بالطبع لا فهو فاقد للوعي تماماً. سؤال :إذاً لماذا يقوم بأداءهذه الحركات التشنجيةالتي توحي بأنه يتألم ؟؟


الدكتور : لأن عند قطع هذه العروق الدموية مع عدم كسر عظام رقبة الحيوان المذبوح وهذا ما يحدث تماماً في طريقة الذبح الإسلامية ، فإن تغذية المخ بالدماء تنقطع ، والدماغ لا يزال حي ، والجهاز العصبي الموجود في الرقبة من الخلف مازال متصل بكل أجهزة الجسم ، فيقوم الجهاز العصبي بإصدار إشارات إلى القلب وإلى العضلات وإلى الأحشاء ، وإلى جميع الخلايا الموجودة في جسم الحيوان لإرسال دماء إلى الدماغ.. وهنا تتحرك الخلايا والأحشاء والعضلات في جميع أجزاء جسم الحيوان تحركات تشنجية تقوم من خلالها بدفع الدماء إلى القلب الذي يقوم بدوره بضخ الدماء إلى الدماغ ولكن الدماء تندفع خارج جسم الحيوان بدلاً من الصعود إلى المخ ، وذلك بسبب الأوردة المقطوعة في الرقبة ، وهكذا يظل الجهاز العصبي يعطي إشارات ، وأجهزة الجسم ترسل الدماء فتخرج خارج جسم الحيوان ، حتى يتم تصفية جسم الحيوان من الدماء الموجودة فيه ، أما الفكرة الشائعة أن الحيوان يحس ويتألم عند ذبحه بهذه الطريقة فقد ثبت علمياً أن هذا الكلام خاطئ تماماً ، فكما ذكرنا بمجرد أن يتم قطع الأوردة الدموية يصاب الحيوان بالإغماء ويفقد الإحساس نهائياً ...


ـ سؤال : ولكن ... من الناحية الطبية ، هل من المصلحة أن تترك الدماء في جسد الحيوان دون تصفية ، أم أن تصفية جسد الحيوان من الدماء تعتبر أفضل ؟؟


ـ الدكتور : الدماء من أخصب البيئات لنمو الجراثيم ، كما أنها تحمل هي بنفسها مواد ضارة لجسم الإنسان ، ولو بقيت هذه الدماء في اللحوم بعد موت الحيوان مباشرة فإنها تكون بيئة صالحة وخصبة لنمو الجراثيم ، إلى جانب ما فيها من أمور كان لابد وأن تتخلص منها ...


ـ سؤال : فما رأيك في الطرق الأخرى لذبح الحيوانات وخصوصاً الطرق المستخدمة في أغلب البلاد الأوربية من ضرب الحيوان على رأسه حتى يصاب بالإغماء ثم القيام بذبحه بعد ذلك ؟؟


ـ الدكتور : هذه الطريقة لها عواقب خطيرة على صحة الإنسان ، وذلك لأن الحيوان إذا ضرب بهذا الشكل يموت موتاً بطيئاً ، وهذا الموت البطيء يكون سبباً في أن يفقد الغشاء المبطن للأمعاء الغليظة قدرته على حجز البكتريا الموجودة في الأمعاء الغليظة الموجودة في جسد الحيوان ، فتخترق البكتريا جسد الحيوان وتجد الدماء فتسبح فيها وتسير وتتفاعل معها حتى تنتشر في جسد الحيوان كله ، وأسلم طريقة لتناول لحوم خالية من الدماء والبكتريا هي بالتخلص من دماء هذا الحيوان وإخراجها منه.......
الحم
د لله علي نعمة الاسلام



  رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:20


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2024 © منتديات جوهرة سوفت