منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-07-05, 23:20 رقم المشاركة : 193



افتراضي أزمة الدعوة السلفية في عصرنا الحاضر





قرأت رسالة صغيرة بعنوان " أزمة الدعوة السلفية في عصرنا
الحاضر" لكاتبه " عبدالله بن مبارك" وذكر "مدرسة السلفية الجهادية" وجعلها رابع المدارس "السلفية" ، ثم ذكر مآخذاً عليها ، فقال :
1- قلّة العلم فيهم ، مع أنهم أحوج ما يكونون إلى العلم ، لكثرة المواقف والنوازل التي تعترضهم ، ولأن القتل والقتال لا ينبغي أن يقدم عليه أحدٌ إلاّ على علم ويقين وبصيرة ، لعظم أمر الدماء والحقوق والأعراض .
ولعل من أعظم أسباب قلة العلم فيهم أن عامّة من ينهض إلى الجهاد من المسلمين في زماننا هذا هم من العوام وأشباه العوام ، وأن من استجاب لداعي الجهاد من طلاب العلم قليل ، وأما العلماء فنادر ، وهذه مصيبة عظيمة في الدين ، خصوصاً أنه ليس في تقاعس هؤلاء من عذر - مع أنهم أولى الناس به - غير حب الدنيا ، وكراهية الموت ، وجور السلطان ، والله المستعان .
2- قولهم بأن الجهاد القائم في زماننا فرض عين على جميع الأمة ، فيه تحريج على المسلمين ، وتأثيم لهم ، وليس هو بالقول الراجح والله أعلم ، وإنما القول الراجح أن هذا الجهاد اليوم فرض كفاية إلاّ على أهل البلاد التي احتلها الأعداء ففرض عين ، فإن عجزوا عن دفع العدو عنهم فعلى من جاورهم وهكذا ، إنما يتعيّن إمدادهم بالمال والسلاح على جميع الأمة حتى يتمكّنوا من صد أعدائهم ودحرهم عن بلادهم .
وهم – والله أعلم – إنما يصرون على كون هذا الجهاد فرض عين لسببين :
أ – لرفع الحرج عن كثيرٍ من المجاهدين الذين لم يأذن لهم ولاة أمرهم من الوالدين والحكام بالجهاد ، ولو قالوا بكفايته لوجب طاعة الوالدين وولاة الأمر في عدم الخروج إليه ، مما يكون سبباً في تعطيل الجهاد ، مع العلم أن منعهم لهم عن الجهاد – في الغالب – ليس لحاجتهم إليهم ، ولا لأمر شرعي آخر ، وإنما لحب الدنيا ، وضعف الإيمان ، وتحكم السياسة .
ب – لأن أكثر الذين نهضوا إلى الجهاد من المسلمين ، من بلدان بعيدة عن أرض الجهاد ، ولو قيل بكفايته ، فلربما قلل ذلك من حماسهم ، وأضعف عزائمهم ، فرجع كثير منهم .
وعلى كلٍّ فهما قولان للعلماء ، ولكن الذي عليه جمهورهم اليوم هو ما ذكرناه .
3- ومن المآخذ عليهم قيامهم بقتال الأعداء المحاربين من الكفار في بلدان إسلامية بينها وبين هؤلاء الأعداء عهود ومواثيق ، فهم وإن كانوا محاربين للمسلمين في بلد فإنهم معاهدون في بلد آخر .
وقد عدّ كثير من العلماء – اليوم – قتال المجاهدين لهم في البلد المعاهد لهم عدواناً على ذلك البلد المسلم ، وخروجاً وبغياً على ولاة الأمر فيه ، وهذا بناءً على القول بأن كل دولة من دول المسلمين مستقلّة عن الأخرى ، ولها معاهداتها وعلاقاتها المستقلّة عن غيرها من الدول الإسلامية ، فلا يلزمها – على هذا القول – ما يلزم غيرها من الدول الإسلامية المعتدى عليها فيما يتعلق بجهاد أعدائها .
أما المجاهدون فيصرّون على القول بأن الأمة الإسلامية واحدة أمام أعدائها ، وإن تعدّدت دولها وتعدّدت علاقاتها ، وأن واجب الجهاد العيني فرض على كل مسلم قادر وليس على أهل البلد المحتلّ وحده .
ولهم أن يقولوا بذلك إذا تقرّر عند علمائهم ، ولكن ليس لهم أن يفرضوه بالقوّة على غيرهم من المسلمين ، فينتج عن ذلك قتال وسفك دماءٍ بين المسلمين أنفسهم ، مما يزيد الأمة فرقةً وتمزيقاً ."




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:21 رقم المشاركة : 194

افتراضي


إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:26 رقم المشاركة : 195

افتراضي حاجتنا إلى فقه الواقع





إن من أخص سمات التحرك السليم والمأمون العواقب في حياة الدعاة، ضرورة فقه الواقع بآلياته ومكوناته وتناقضاته والعناصر المؤثرة فيه والموجهة له ، سواء كانت مادية أم معنوية ،تاريخية وجغرافية وإجتماعية وإقتصادية وسياسية وفكرية وثقافية .


لأن الجهل بالواقع أو فقهه على غير حقيقته ، يفضي إلى عواقب وخيمة وغير مأمونة،فالسلوك الصحيح والتصرف السليم ، لايعدو أن يكون ثمرة للتصور الصحيح للواقع .

وفقه الشرع كذلك لابد أن يصاحبه فقه الواقع ، أو مقتضى الحال بالمصطلح الفقهي الأصولي ، حيث لايمكن الفصل بينهما في صناعة الحكم الشرعي ، والفتوى خاصة في النوازل والمتغيرات ، وقد ذكر العلامة إبن القيم رحمه الله أن الفقيه هومن يزاوج بين الواجب والواقع)،وقد فقه علماؤنا قديما هذا التزاوج ، وتعاملوا بمقتضاه مع كل الأقضية التي حدثت لهم في زمانهم ، فهذا الإمام إبن أبي زيد القيرواني المالكي رحمه الله صاحب كتاب الخلاصة الفقهية المشهورة في الفقه المالكي ، يقتني في عهده كلبا للحراسة مخالفا ماأثر عن صاحب المذهب إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله من كراهية ذلك ، فلما لامه من لامه على مخالفته لإمام المذهب قال: لو كان مالك في زماننا لأتخذ أسدا ضاريا، يعني أن الواقع قد تغير وإختلف ..

لذلك فإن التعامل مع الواقع بمنهجية صحيحة وسليمة ، وفقهه بمقتضى هذه المنهجية أمر في غاية الأهمية ،ومقام الشهادة على الناس الذي أوكله الله عز وجل إلى هذه الأمة ، وهو من مقتضيات التفضيل والتمييز الذي منحها المولى سبحانه لها، ومقام الشهادة لابد له من الشهود والحضور ، إذ لاشهادة لغائب أو بعيد ، أو شهود كغياب كما قال الإمام علي رضي الله عنه وهو يصف بعض أصحابه ، ولايمكن أن يتحقق هذا الشهود والحضور لمن لايفقه واقعة أو يتجاهله أو ينعزل عنه ، وقد أكد المفكر المبدع مالك بن نبي رحمه الله هذه الحقيقة لمّا قال فالواقع أن الشاهد في أساسه هو الحاضر في عالم الآخرين ، والصفة الأولى المكتسبة لإثبات قيمة أي شهادة ، هي حضور الشاهد ، إذا كان متعينا على المسلم أن يقوم بالدور الملقى على عاتقه في الآية وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا)(البقرة 143).

فهو مجبر على الحياة في إتصال وثيق بأكبر عدد من الذوات البشرية ومشاكلها كذلك ، ومن ثمّ يتعين على حضوره أن يعانق أقصى حد ممكن في المكان ، لكي تعانق شهادته أقصى كم ممكن من الوقائع، وعلاوة على ذلك فإن المسلم في هذه الحالة ليس صاحب دور سلبي محض، إذ أن حضوره نفسه يؤثر على الأشياء وعلى أعمال الآخرين ، فعندما يكون الشاهد حاضرا ، يمكن لحضوره فحسب أن يغير من سير الأحداث ، وأن يجنب الوقوع في المحظور، وعلى هذا فإن رسالة المسلم في عالم الآخرين لاتتمثل في ملاحظة الوقائع ، ولكن في تبديل مجرى الأحداث ، بردها إلى إتجاه الخير ماإستطاع)(1).

ـــ نواقض الفقه السليم للواقع:

ومما يتنافى والفقه السليم للواقع ، ويناقضه وينقضه :

1) ــ العشوائية والفوضى والإرتجال و سوء التقدير
2) ــ المبالغة المفرطة في تقييم القدرات المختلفة ، وذلك بتضخيم الهين وتهوين العظيم.
3) ــ غياب وتغييب فقه السنن الكونية الجارية والخارقة.
4) ــ الفقر العلمي والمعرفي والثقافي وضعف الإلمام بالمعطيات والمستجدات.
5) ــ تشوش الأولويات وإضطراب ترتيبها.
6) ــ التحديد الخاطيء لخارطة الأعداء والخصوم ، وكذلك الأصدقاء .
7) ــ التخلف والقصور في توظيف الوسائل الحديثة وإستخدامها .
ــ الفهم الخاطيء والممارسة الخاطئة للإستعلاء والولاء والبراء.
9)ــ الإنكماش على الذات والشعور بالقداسة والطهر المطلق والنقاء التام، مع المثالية الجانحة.
10) ــ الأحكام المسبقة والصور النمطية


ـــ مستلزمات الفقه السليم للواقع:

ومما يساعد على الفقه السليم للواقع ، ويكسب الطريقة المثلى للتعامل معه:

1) ــ المتابعة المستمرة والمبصرة ، والإلمام بمكونات الواقع ومستجدّاته المتتالية.
2) ــ المرونة ،وذلك بإنسجام الأفكار والأقوال والأفعال والمواقف مع ماتقتضيه المرحلة ،من غير تجاوز للضوابط الشرعية ، ولامصادمة للحقائق الواقعية.
3) ــ سعة الأفق وبعد النظر، والتقدير الصائب للإحداث وتحليلها وتقييمها .

4) ــ التحلّي بالحكمة ، وهي كما عرفتفعل ماينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي).
5) ــ ألمعية الذهن وسرعة البديهة ، وذلك بالإبتعاد عن العقلية التي إشتكى منها الشاعر:

أقول له عمرا فيسمع خالدا ويقرؤها زيدا ويكتبها بكرا.
فاللبيب تكفيه الإشارة ، وتغنيه العبارة.

6) ــ الموازنة والقياس والتمحيص والتنقيح والغربلة والتصفية ، عملا بنصيحة شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله لتلميذه إبن القيملاتجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها لاينضج إلا بها ،ولكن إجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ، ولاتستقر فيها ، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته ، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها ، صار مقرا للشبهات )(2)..

7) ــ دراسة التجارب بأنواعها ، دراسة نقدية بناءة ،لتجنب العثرات ، وإستثمار الإيجابيات ، وقد صدق الرافعي رحمه الله لما قالإذا أردت أن تأخذ الصواب ، فخذه عمّن أخطأ)(3).
ــ معاشرة الآخرين على أحسن ما معهم،أشار إلى هذه القاعدة الإمام ابن القيم رحمه الله بقولهوالبصير الصادق من يضرب في كل غنيمة بسهم ، ويعاشر كل طائفة على أحسن ما معها )(4).
9) ــ التكيف الإيجابي وعدم التعامل بسياسات ردود الأفعال، وقد ذكر الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله أن الظروف تستطيع تكييفنا ولا تستطيع بإذن الله إتلافنا )(5).
مع ضرورة توفر المناعة العلمية والفكرية والتربوية.
10) ــ التحرر من ذهنيات الانغلاق: ذهنية المغالبة والتحدي ، ذهنية الانكماش والانغلاق على الذات ، ذهنية التكبر والاستعلاء على الآخر ،ذهنية الدروشة وغفلات الصالحين ، ذهنية فكر المحنة ، ذهنية الأحكام المسبقة ، ذهنية الغلو والتشدد ، ذهنية الرفض والتعصب المقيت ، ذهنية التهوين والتهويل ، ذهنية الأسود والأبيض ، ذهنية البساطة والسطحية... إلخ.

ـــ إتجاهات خاطئــة في فقه الواقع:

وعند دراسة الواقع والتعامل معه ، لابد من الإبتعاد عن جملة من الإتجاهات الخاطئة في فقهه وفهمه وهي:

1) ــ الاتجاه الإطرائي: وهو محاولة تحسين الواقع ، وإبراز صورته سالمة من العيوب ، وغض الطرف عن سلبياته .
2) ــ الاتجاه التشاؤمي: الذي ينظر إلى الواقع بمنظار أسود قاتم ، يجرده من كل حسنة أو إيجابية، ويلحق به كل النقائص ، ولايراه إلا ظلمات بعضها فوق بعض.
3) ــ الاتجاه التآمري: الذي يرى أن من وراء كل حدث ـ وإن صغر ـ أيادي خفية تحركه من وراء ستار.
4) ــ الاتجاه التنصلي: بحيث لايريد أن يتحمل مسؤولية مافي هذا الواقع من أحداث ، فكل فريق يريد أن يحمل غيره مايقع وإبعاد التبعة عن نفسه.
5) ــ الاتجاه التبريري: وذلك بأن يضفي على الواقع مايجعله مقبولا ومشروعا ، وإن إبتعد عن جادة الصواب.
6) ــ الاتجاه الصدامي والتهديدي: الذي يتعامل مع الواقع بمنطق المواجهة والصدام وردود الأفعال، مع الإستجابة للإستفزاز، يتنادى للنزال ، متحفز له دوما ، شعاره: السيف أصدق أنباء من الكتب.
7) ــ الاتجاه المصلحي الإنتهازي: الذي يحدد مواقفه من الواقع وفق مصالحه الخاصة ، فكل ماوافقها نال الرضا منه والقبول ،وإن عارض المصلحة العامة، وكل ماتعارض معها نال الرفض وإن كان هو عين الصالح العام، إنتهازي في إستغلال كل مايخدم رغباته ويحققها ، شعاره :أنا وبعدي الطوفان.
ــ الاتجاه الانسحابي والإنعزالي: الذي يعجز في مواجهة الواقع ، ويتملص من المسؤولية ، ولايكلف نفسه تبعات ذلك ، يتبع أيسر الحلول وهو الإنسحاب والإنعزال كلية ، ويترك الجمل بما حمل، وكأن الواقع لايعنيه من قريب أو بعيد.

9) ــ الاتجاه الإستعلائي المتعصب: الذي يتعامل مع الواقع بنظرة إستعلائية مت**** ، تضفي الصوابية المطلقة عن كل مايملك من أفكار وآراء ومواقف، مكتفيا بما عنده ، منغلقا ومنكمشا داخل أسواره الخاصة ، رافضا كل مايجود به الواقع ، محتقراله ومستهترا به ، مستصغرا كل الأحداث والحوادث مهما تعاظمت خطورتها.
10) ــ الاتجاه المثالي: الذي يجنح دائما إلى المثالية الجانحة التي تحلق بعيدة عن حقائق الواقع، ولاينزل من أبراجه العاجية التي حشر نفسه فيها، يتصور أن الواقع إما بياضا مطلقا ، أو سوادا مطلقا ، لاتوسط لديه ، يريد أن يكون الواقع إيجابيا وتمام التمام بين عشية وضحاها ، دون أن يساهم هو في ذلك ولو بالشيء القليل.
فلابد من التعامل مع الواقع بموضوعية وعدل وإنصاف ، فتكون مواقفنا ومعاملاتنا مع غيرنا وفق هذه الموضوعية وهذا الإنصاف، فلانغالي في التصلب فنكسر، ولانتمادى في التفريط والتسهيل فنعصر.

نريد من كل مامضى أن يتحرك الدعاة بدعوتهم ـــ في طريق مليئة بالكسور ومتشعبة المسالك ، وحبلى بالعجائب والمفاجآت ـــ وفق القاعدة التي أصلها المتنبي الشاعر بقوله:


عرفت الليالي قبل ماصنعت بنا فلما دهتني لم تزدني بها علما


وأن يتكيفوا مع الظروف تكيف التاجر الحاذق البصير ، الذي إن رأى كسادا في السوق حافظ على أقل تقدير على رأس ماله .

فالدعوة التي تتجاهل واقعها ، محكوم عليها بالفشل والإضمحلال إن عاجلا أو آجلا.

فإذا أراد الدعاة أن يحموا دعوتهم ويعصموها من الإنسياق والإستدراج والإحتواء والإنحراف والإستنزاف والتعويم كتعويم العملات النقدية ، فليحرصوا على فقه واقعهم مع فقه شرع ربهم مع فقه إنزال الشرع على الواقع أو ماسماه الأصوليون بتحقيق المناط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1) ــ فكرة كمنويلث إسلامي ، مالك بن نبي ص 72.
2) ــ مفتاح دار السعادة، إبن القيم ج 1 ص 257.
3) ــ وحي القلم ، الرافعي ج1 ص 279.
4) ــ مدارج السالكين ، إبن القيم ج2 ص 39.
5) ــ آثار إبن باديس ج5 ص9.




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:30 رقم المشاركة : 196

افتراضي سنتان مهمتان من سنن الله





[B]من السنن المهمة التي يغفل عنها المتحمسون والمستعجلون هما:
[/B]سنة التدرج
سنة الأجل المسمى
فأما التدرج فهو سنة كونية وسنة شرعية أيضا.
ولهذا خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، وكان قادرا أن يقول كونت فتكون، ولكنه خلقها في ستة أيام من أيام الله تعالى،أي في ستة أطوار أو أزمنة يعلمها الله، فليست هي أيامنا هذه إذ هي قبل خلق الشمس والأرض وما يتبعهما من ليل أونهار.
وكذلك نرى خلق الإنسان والحيوان والنبات، كلها تتدرج في مراحل حتى تبلغ نماءها وكمالها.
فهذا من الناحية الكونية، وأما من الناحية الشرعية،فقد بدأ الإسلام بالدعوة إلى التوحيد وتثبيت العقيدة السليمة، ثم كان التشري شيئا فشيئا. فقد فُرضت الفرائض وحُرِّمت المحرمات بالتدريج، كما هو ثابت في فرض الصلاة والصيام والزكاة، وتحريم الخمر وغيرها، ولهذا اخفترق القرآن المكي عن المدني.
وفي هذا المعنى تقول عائشة رضي الله عنها، واصفة تدرج التشريع ونزول القرآن: إنما أُنزل أول ما أُنزل من القرآن سور فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء :لا تشربوا الخمر ولا تزنوا، لقالوا: لاندع الخمر ولا الزنى أبدا (رواه البخاري)
ومن هنا كان على الذين يدعون إلى استئناف الحياة الإسلامية وإقامة دولة الإسلام في الأرض، أن يراعوا سنة التدرج في تحقيق ما يريدون من أهداف، آخذين في الاعتبار سمو الهدف، ومبلع الإمكانات، وكثرة المعوقات.
ويحضرني هنا مَثَل من سيرة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز خامس الراشدين المهديين المقتدى بهم، فقد أراد عمر أن يعود بالحياة إلى هدي الخلفاء الأربعة وذلك بعد أن يتمكن ويمسك الخيوط في يديه، ولكن كان ابنه الشاب الغيور عبد الملك من الأتقياء المتحمسين، ينكر على أبيه عدم إسراعه في إزالة كل بقايا الانحراف والمظالم والتعفية على آثارها، ورد الأمور إلى سنن الراشدين، فقال له يوما: مالك يا أبت لا تنقذ الأمور؟ فوالله ما أبالي، لو أن القدور غلت بي وبك الحق!
فكان جواب الأب الفقيه المؤمن: لا تعجل يا بني، فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة، فيكون ذا فتنة (الموافقات 2/94)
لكل شيء أجل مسمى

والسنة الثانية وهي متممة للسنة السابقة: أن لكل شيء أجلا مسمى يبلغ فيه نضجه أو كماله، وهذا ينطبق على الماديات والمعنويات فلا ينبغي أن يُستعجل الشيء قبل أن يبلغ المقدر لمثله، فإن الزرع إذا حُصد قبل إبانه والثمر إذا قُطف قبل أوانه لا يُنتففع به النفع المرجو بل قد يضرولا ينفع.
إدا كان النبات لا يؤتي أكله إلا بعد أشهر أو سنة، وبعض الشجر لا يثمر قبل سنوات عدة فبعض الأعمال الكبيرة لا تُقطف ثمارها إلا بعد عقود من السنين، وكلما كان العمل عظيما كانت ثمرته أبطأ،كما قيل:أبطأ الدلاء فيضا أملؤها.
وقد يبدأ جيل عملا تأسيسيا ذا شأن، فلا يستفيد منه إلا الجيل الثاني أو الثالث أو ما بعد ذلك، ولا ضير في هذا مادام كل شيء يسير في خطه المعلوم وطريقه المرسوم.
وقد كان المشركون في مكة يسخرون من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قوله: إن العاقبة له ولمن آمن به، وإن العذاب لمن صد عنه. فكانوا يستعجلونه هذا العذاب الذي خوفهم به، جاهلين أن لكل شيء موعدا لن يخلفه (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأيتينهم بغتة وهم لايشعرون)
(ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلِف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)

ولهذا أمر الله تعالى رسوله الكريم أن يصبر على قومه كما صبر إخوانه أولو العزم من الرسل من قبل ولا يستعجل لهم العذاب كما يستعجلون(فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم)
وضرب له وللمؤمنين معه مثلا بمن خلا قبلهم من أصحاب الرسالات وكيف صبروا على شدة الابتلاء وطول الطريق وصعوبة انتظار النصر (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزُلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)
أجل إن نصر الله قريب ولكن له موعد وأجل مسمى عند ربنا ولا يعجل الله بعجلة أحد من خلقه.
ومن أجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالصبر ويربيهم عليه وألا يستعجلوا النصر قبل أوانه.
ولما شكا إليه خباب بن الأرت ما يلقى من شدة الأذى في سبيل الإسلام قائلا: ألا تدعو لنا يا رسول الله؟ ألا تستنصر لنا؟ غضب النبي صلى الله عليه وسلم وجلس محمرا وجهه وقال:إن من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب وينشر أحدهم بالمنشار فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه والله ليظهرن الله هذا الأمر حتى يسيطر الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذنب على غنمه ولكنكم تستعجلون




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:36 رقم المشاركة : 197

افتراضي في قضية تقصير الثوب





في قضية تقصير الثوب الذي التزمه كثير من الشباب رغم ما جر عليه من متاعب أسرية واجتماعية، بدعوى أن لبس الثوب إذا زاد عن الكعبين، فهو حرام، وحجتهم الحديث الصحيح، ما أسفل من الكعبين فهو في النار والأحاديث التي جاءت بالوعيد الشديد لمن يسبل إزاره و من يجر ثوبه.
ولكن هذه الأحاديث المطلقة قد قيدتها أحاديث أخر، حصرت هذا الوعيد فيمن فعل ذلك على سبيل الفخر والخيلاء، والله لا يحب كل مختال فخور.
نقرأ في حديث ابن عمر في الصحيح:من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة وحديثه الآخر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول من جر إزاره، لا يريد بذلك إلا المخيلة، فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة (رواهما مسلم)
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه، حيث قال: إن إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهده: إنك لست ممن يفعله خيلاء...ولهذا ذهب النووي وغيره إلى كراهية الإسبال ونحوه، والكراهة لا تزول لأدنى حاجة.




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:37 رقم المشاركة : 198

افتراضي التشدد في الدين





i 2011, 16:00
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ) رواه البخاري (39) ومسلم (2816)
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
” معنى الحديث : النهي عن التشديد في الدين ، بأن يحمِّل الإنسان نفسه من العبادة ما لا يحتمله إلا بكلفة شديدة ، وهذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يشاد الدين أحد إلا غلبه ) يعني : أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة ، فمن شاد الدين غلبه وقطعه .
وفي ” مسند الإمام أحمد ” – (5/32) وحسنه محققو المسند – عن محجن بن الأدرع قال :
( أقبلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كنا بباب المسجد إذا رجل يصلي قال : ” أتقوله صادقا ” ؟ قلت : يا نبي الله هذا فلان ، وهذا من أحسن أهل المدينة أو من أكثر أهل المدينة صلاة ، قال : ” لا تسمعه فتهلكه – مرتين أو ثلاث – إنكم أمة أريد بكم اليسر )
وفي رواية له : ( إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم أيسره ) – ” مسند أحمد ” (3/479) وحسنه المحققون -.




  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:40 رقم المشاركة : 199

افتراضي السلفيون الجدد وخطر تمددهم





يا شباب تونس ,إنّ ما يقلقني هو ما اكتشفت البارحة في حوار مع بعض الشباب الذين تعلموا الدين من الآنترنت أي الشبكة العنكبوتية, فلاحظت دخول السلفية الحكومية السعودية على الخطّ ,وقد افتتن بها شبابنا المتعطّش للإسلام,والسعودية دولة والعائلة المالكة هي من أكثر الأنظمة فسادا وتجبرا,وهم حصان امريكا في بلاد العرب ,وعميلتها بدون أن أشرح اختصارا للحديث ,وشعبها المسكين يعيش في محنة حقيقية من الفقر والجهل والخصاصة, رأيت وسمعت ,ومن يريد اكثر من الوضوح فليتابع قناة الإصلاح المعارضة , ولكن لابدّ أن نقف قليلا لنعلم أنّ هذا التيار السلفي سيدمّر المجتمع التونسي ويرهقه عسرا,لقد كان هذا التياردرعا ضدّ التشيع المتمدد بمساعدات إيرانية.ولكنّه بالقوة والتنطع ووجد ارضية خصبة تسمح له بالتمدد, ولكن للوهابية أيضا عورات منها الهيمنة التامة,كما فعلوا ببلاد الحرمين, ولم يتركوا مجالا للمذاهب السنية القديمة بالتواجد الاّ في الخفاء,او تواجد أغلبية معتبرة كالمدينة ,فهؤلاء متزمتون ومتخلفون لدرجة لا تطاق,و قد عرفناه جيدا بمكة والمدينة,وقد رفضه علماؤنا بتونس منذ قرون ردّا صريحا على ابن عبد الوهاب (انظر كتاب الرحلة الحجازية للسنوسي) وحاولوا النفوذ بين صفوف الجالية بأوروبا ولم يفلحوا,رغم ما أغدقوا من أموال فعليكم يا شباب تونس بمذهب الأغلبية المذهب المالكي الوسطي,ولنا علماء كانوا منارة في افريقيا كلها ,أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر,القاضي سحنون بن سعيد صاحب المدونة, ومالك الصغير أبي عبدالله محمد ابن أبي زيد النفزاوي القيرواني صاحب الرسالة,والقابسي وابن باجة وابن عرفة والقائمة طويلة,التفّوا حول رجال الحركة يا شباب,حركة النهضة ,وابحثوا عن تاريخها النضالي ,فإن لنا العديد من الشيوخ البارزين في شؤون الدعوة والفقه ,والشيخ راشد الغنوشي هو الآن نائب رئيس المجلس الأعلى لعلماء المسلمين, الذي يرأسه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حبر الآمة وعالمها بدون منازع,نحن لا نفرق بين المذاهب كلّ مذاهب السنة على الحقّ ,الاّ من ناحية الوسطية,التي أمر الله بها وقوله تعالى(وادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)فلا تزمت ولا تشدد في الدين,و(لا اكراه في الدين قد تبين الرّشد من الغيّ)و لا تكونوا أداة للخلاف والفتنة في أمور تنزّه عنها رسولنا الكريم, إذ قال _بشروا ولا تنفّروا _يسّروا ولا تعسّروا وكونوا عباد الله اخوانا,لقد كتبت على التشيع لما فاحت رائحته باقليم المغرب العربي الاسلامي في حينه واليوم اتوجه بالنصيحة وأحذّر من هاته السلفية الخاطئة,أسميهم السلفيون الجدد.
كتبه أبو جعفر العويني في 14 فيفري 2011





  رد مع اقتباس
قديم 2011-07-05, 23:47 رقم المشاركة : 200

افتراضي آدم عليه السلام





آدم عليه السلام

أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء.
[B]خلق آدم عليه السلام:
[/B]أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له, ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !
هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم من الله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه في علمه، ولا يعرفون حكمته الخافية، ولا يعلمون الغيب . لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).
وما ندري نحن كيف قال الله أو كيف يقول للملائكة . وما ندري كذلك كيف يتلقى الملائكة عن الله ، فلا نعلم عنهم سوى ما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله . ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه . إنما نمضي إلى مغزى القصة ودلالتها كما يقصها القرآن .
أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده.
جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفن الطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذا الطين؟

سجود الملائكة لآدم:
من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ? الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .
أما كيف كان السجود ? وأين ? ومتى ? كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..
فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . فردّ بمنطق يملأه الحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ? أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .
قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص)
هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .
وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) .
فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين .






  رد مع اقتباس
قديم 2011-09-02, 19:54 رقم المشاركة : 201

Icon3 قصّة مؤثرة جدا


فتاة تروي حديث توبتها
*****************
في ليلة .. كانت كباقي الليالي ربما.. ولكن لم تكن بالتأكيد كذلك بالنسبة لي
كنت أتقلب في فراشي كثيرا ولم أستطع النوم.. كنت خائفة كثيرا ولم أعرف لماذا؟

كانت الرابعة بعد منتصف الليل .

كان الخوف يسيطر علي تماما ! وكل شئ كان مظلماً أمامي !

بدأت أقرأ ما أحفظ من سور .. قد حفظت كثيرا منها ولكن معظمه بل أكثره قد ضاع .. ونسيته مع قلة مراجعتي له
هدأت قليلا.. ولكن الخوف لا زال يلازمني …. أغمضت عيني وجعلت أتذكر

كان شريط حياتي كله يمر أمامي.. أتذكر من طفولتي ما أتذكره وكيف بعد أن كبرت جعلت أتذكر ذنوبي الكثيرة وصلاتي التي غالبا بل دائما ما كنت أؤديها بتكاسل شديد وبنقر كالغراب .

تذكرت صديقتي التي كنت ألتقي معها والتي كانت مثلي أنا تلعب وتلهو

لم تفكر يوما في الموت !! ولا أنا !! كيف أنها في يوم خرجت ، ثم عادت .. ولكنها عادت داخل ذاك الصندوق . نعم ، ماتت في حادث سيارة.

تذكرت نفسي لو أنه جاءني ملك الموت ليقبض روحي ، فما عساي أخبره ؟!

أأنا مستعدة للموت ؟ أعملت ما يكفيني ؟!
أتراني أكون من أهل الجنة أم من أهل النار؟
..لا.. بالطبع سأكون من أهل الجنة … ولكن بماذا سأدخل الجنة ؟!
ماذا فعلت لأكون من أهلها ؟ وماذا قدمت لنفسي لأدخلها؟

أمن صراخي اليومي على أمي ؟! أم من غيبتي ونميمتي لصديقاتي ؟! أم من تبرجي ولباسي؟! أم من الأغاني والأفلام والبرامج المليئة بما يغضب الله غز وجل

سكتُّ قليلا … .. ولكني بالتأكيد أفضل من غيري.

لكن أفضل ممن ؟

تذكرت تلكم الفتيات الطاهرات العفيفات اللاتي كنت ألاقيهن في المسجد
كيف أن الواحدة منهن مستعدة أن تدفع حياتها ثمنا ولا يرى منها خصلة من شعرها .
فأين أنا منهن ؟!

قلت في نفسي : ألي عهد من الله أنه لن يتوفاني حتى أتوب ؟!
ألي من الله عهد أني لن أموت الآن أو غدا ؟!
أأعطاني ربي عهدا أنه سيغفر لي ويدخلني الجنة ؟!

... قمت من مكاني وأنا خائفة مرتعبة وفي عيني تجمدت دمعتان
توضأت وقمت أصلي وأنا أرتعد خوفا
وأثناء الصلاة .. فوجئت بنفسي حينما وجدت عيناي تفيضان بالدموع ! فلقد كانت المرة الأولى
التي تبكي فيها عيناي

نعم … فقد كان كل بكائها من قبل على الدنيا ! والآن هي بالفعل تبكي بحرقة ، تبكي خشية لله عز وجل تبكي على ذنوب كثيرة وعظيمة ارتكبتها وهي لا تبالي وهي تظنها هينة

(( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ))

فشتّان بين البكاءين .
لا تصدقوا كيف أحسست بمعنى تلك الآيات التي كنت أتلوها وكأنني أتلوها لأول مرة
علما بأنني أصلي بها نفسها منذ سنوات عديدة

بقيت ساجدة لوقت طويل لم أشعر به
الشيء الوحيد الذي شعرته والذي أحسسته بالفعل أني بين يدي العظيم بين يدي خالقي ومصوري
فصرت أدعوه وأستغفره كثيرا وأحمده
وعزته وجلاله أني أحسست بالفعل أنني بين يديه

لم أصدق نفسي ماذا كنت أقول ... كنت أدعوا بأدعية ما علمت أني أعرفها من قبل .. صارت شفتاي تنطقان وقلبي الوحيد .... الذي يدفعهما.
وبعد أن انتهيت من صلاتي .. سلمت

وبدأت أتذكر ما أتذكر من ذنوبي التي عملتها ... وبدأت أنظر إلى نفسي وأقول :
ما الذي جعلك يا يداي تتحركين ؟ وقلبي من جعله ينبض وعيناي وأذناي وقدماي .... وكل شيء وصرت أنظر إلى كل ما حولي ... فكيف لبذرة صغيرة أن تصير شجرة عملاقة ؟
قلت لنفسي : أين كنت كل هذه السنين ؟! .. أين أنا وأين غفلتي ؟ كيف لم أشعر به وقد كان قريباً مني !
شعرت فعلا بعظمته .
كيف لهذا الإنسان أن لا يشعر ، يبطر ويكفر ولا يحمد ، لا يصلي ولا يشكر !

وهو ... يمهله .. ويرزقه ولا يرفع عنه نعمته .. بل ويزيده رزقا بعد رزق في المال والولد وكل النعم

كيف لهذا الإنسان وهذا الخالق العظيم .. يقول له ..تب,, أغفر لك كل ذنوبك
لا بل وأبدلك سيئاتك كلها حسنات مكانها. ويرفض ! ويقول لا .. لا أريد !

كيف له ذلك ؟ ألا يعلم أنه لابد له من أن يموت يوما ؟!
ألا يتذكر كم سيعيش من السنين ؟
سبعون ... ثمانون ... مائة .. أو حتى مائتي سنة .. ثم ماذا ؟

ثم إلى مرتع الدود .. ثم إلى تحت التراب .. ثم إلى الظلمات
من ينير ظلمة ذلك اليوم ؟ من يؤنس وحشته تلك الساعة؟

من يسري عنه ؟ من يطمئنه ؟ من يكون برفقته ؟

أو .... من يدفع عنه العذاب حينئذ ؟
أين فنانوه الذين تعلق قلبه بهم ؟ وأين أصحابه الذين شاركوه لهوه وعبثه ؟
أين أهله الذين غفلوا عنه ؟ هل ينفعونه الآن ؟!

كم من السنين سيعذب في قبره قبل القيامة ؟

قلت في نفسي : أين هو فرعون اليوم ؟ أين هم الجبابرة الذين طغوا منذ آلاف السنين ؟
يا إلهي … .لازالوا يعذبون إلى الآن ! (( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون))

ثم تخيلي يا نفسي ستقفين على أرض المحشر خمسين ألف سنة ! في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حافية عارية لا أكل ولا شرب.. تموتين عذابا.. ولا تموتين

ثم تخيلي لو أنك دخلتي جهنم
ستحتاجين لتسقطي فيها سبعون سنة !! (( أي مثل عمر ابن آدم )) .. ثم قد تبقين فيها سنة ، مائة ، ألف مليون سنة ، الله أعلم

وما بالك بمن هو خالد فيها
قلت لها : أيا نفس ويحك
ألا تبصرين ؟! ألا تفقهين ؟! أم أنك لا تدركين ؟ !

ألا تتوبين إلى الله ! ألا تنقذين نفسك !
لا زالت لديك الفرصة لتنقديها قبل أن يتخطفك الموت !
عندئذ لا توبة ولا رجوع

عندئذ ستندمين.. بل! ستتقطعين ندما على هذه الأيام التي ضاعت منك وأنت تؤجلين توبتك ... عندها ورب العزة لن ينفع الندم ولن تنفع التوبة

عندها ستقولين دما وحرقة : (( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت )) وسيقال لكِ : (( كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ))

قمت من مجلسي مع سماعي لأذان الفجر
صليت الفجر .. وجلست أقرأ قليلا من كتاب الله الذي كنت قد هجرته منذ رمضان السابق أو ربما قبله
بقيت حتى طلعت الشمس !! و ذهبت إلى فراشي !! كان في قلبي سعادة عظيمة أحسست بها
وأنا أمسح دمعاتي التي نزلت على خدي ، وكأنما تنزل مع كل قطرة منها خطاياي وذنوبي

وكأنها كانت تنزل لتغسل قلبي وتطمئن نفسي

وربي أنه كان شعور .. لم أشعره مع أي سعادة في حياتي .. وأنها كانت فرحة لم أشعر
!!! بمثلها من قبل

فجعلت أقول وأردد (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))
فصدق الخالق .. صدق الذي لا إله غيره .. والذي ما في الدنيا أعظم من ذكره
سعادة واطمئنان في الدنيا .. وفي الآخرة « مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على
قلب بشر >>
فمالنا لا نكسب دنيانا و أخرانا ؟!

لا نترك توافه تظلنا مالنا لا نترك الأغاني مثلا ؟ والله إني احتقرت نفسي كيف كنت أسمعها
فما كانت تزيدنا إلا هما وغما وحزنا ، ما كانت إلا تظلنا وتجعلنا كالمعتوهين

الله قد جعل لجميع شهواتنا مخرجا في الدنيا فمالنا لا نصبر فنقضيها فيما أحل الله لنا .!
وأغمضت عيني بعدها ونمت …فما أحسست بطعم النوم إلا يومها .. وكأني لم أنم منذ تسع عشرة سنة مضت من عمري !!!
ومن يومها ... لم أعرف قلقا أو خوفا في نومي ... وصار هادئا مريحا بحمده تعالى .

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأنر لنا بالحق دربنا وثبتنا على الهدى
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم اهدْ شباب المسلمين وارزقهم الطهر والستر والعفاف وارزقهم الزوجات الصالحات
...والأزواج الصالحين يا أرحم الراحمين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار يا عزيز يا قوي يا جبار
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
اللّهم لك الحمد ملء الأرض والسماوات ولك الحمد ملء ما شئت من شيء بعد




  رد مع اقتباس
إضافة رد


الكلمات الدلالية (Tags)
آداب طلب العلم, طالب العلم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:01


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2024 © منتديات جوهرة سوفت