منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-11-11, 10:40 رقم المشاركة : 217



Icon3 كيف تعد عناصر خطبة الجمعة





ملاحظة متجدد كل جمعة بحول الله

كيف تعد عناصر خطبة الجمعة

يختلف مَنْ يُعِدُّون خطبهم بأنفسهم من الخطباء تبعًا لاختلاف اهتماماتهم وعلمهم وثقافتهم، ونوعية المصلين معهم، ومدى تفاعلهم مع الخطيب؛ فبعض الخطباء يكتفي بفِكَره وخطراته عن الرجوع إلى المراجع والمصادر، ويخط بنانه ما يوحي به ذهنه وقت الكتابة، بغض النظر عن أهمية ما يكتب من عدمه، أو ترابط الموضوع من تفككه.

وبعض الخطباء يكتفي بمرجع واحد ينقل منه، أو يختصره ويُعدِّل عليه، ويرى أنه أحسن من غيره ممن لم يكتب، أو كتب من ذهنه وخواطره. ومن الخطباء من لا يكتب خطبته حتى يقرأ في موضوعها عددًا من الكتب، ويراجع فيها مراجع كثيرة، وهؤلاء قلة، وفي الغالب تكون خطبهم متميزة ومفيدة.

كذلك يختلف الخطباء في مدى اهتمامهم بالخطبة؛ فبعض الخطباء لا يفكر في موضوع الخطبة إلا ليلة الجمعة أو صباحها، أو قبل صعود المنبر بوقت قصير. بل إنني سمعت مرة خطيبًا في مجلس يفاخر بأنه يصعد المنبر وليس في ذهنه موضوع محدد، فيطرأ عليه الموضوع والمؤذن يؤذن، وهذا فيه استخفاف بعقول الناس، واستهانة بخطبة الجمعة التي أوْلاها الشارع الحكيم عناية كبيرة.

بينما سمعت أن بعض الخطباء المتميزين يبدأ تفكيره بموضوع الخطبة منذ نزوله من المنبر في الخطبة الماضية. وبين هذا وذاك مراحل متفاوتة من الحرص والاهتمام والفائدة.

قبل عرض مقترح لكيفية إعداد الخطبة أحب التنبيه إلى أن الخطبة مثل الكتاب والخطيب مثل المؤلف، ولكل كاتب أو خطيب أو مؤلف أو باحث طريقته في البحث بيد أن عرض التجارب في هذه المجالات يحقق جملة من الفوائد، لعل من أبرزها:

1 - توجيه المبتدئ ومساعدته بإعطائه منهجًا مجرّبًا في إعداد الخطبة.

2 - قد تكون الطريقة التي يُعدُّ بها الخطيب خطبته فيها شيء من العسر، وهناك طرق أيسر منها، فإذا اطَّلع عليها أخذ بها.

3 - الإنسان في الأصل ناقص العمل معرض للخطأ، والناس يكمل بعضهم بعضًا بتبادل تجاربهم وخبراتهم، وفي اطلاع الخطيب على تجارب الآخرين وطرائقهم في إعداد الخطبة تكميل للنقص عنده، أو إصلاح لخطأ في طريقة الإعداد.
لهذا ولغيره فإنني أدعو كل خطيب أن يطرح على الخطباء طريقته في إعداد خطبته حتى تتلاقح الفِكَر، ويستفيد بعضنا من تجربة بعض. على أن لا يزعم الواحد منا أن طريقته هي أحسن الطرق لكـل الخطباء؛ فالطريقة التي تناسبني قـد لا تناسبك، وقد أستفيد من تجربتك كلها أو بعضها ولو كان قليلًا، والمسألة اجتهادية، ومهارات الخطيب وثقافته وعلمه وذوقه عوامل مؤثرة في ذلك.
ويمكن عرض الخطوات اللازمة لإعداد الخطبة على النحو الآتي:

1 - اختيار الموضوع.

2 - جمع النصوص والنقول والفِكَر والعناصر للموضوع المختار، وبعد الجمع سيتضح للخطيب أن مادة الخطبة إما أن تكون كثيرة فيقسمها إلى أكثر من موضوع، وإما أن تكون مناسبة فيكتفي بها. وإما أن تكون قليلة فيزيد البحث في مظان أخرى، فإن ضاق عليه الوقت أجَّل هذا الموضوع، وبحث عن موضوع آخر تكون مادته متوافرة.

وينبغي في الجمع مراعاة ما يأتي:

أ - البدء بالمصادر المتخصصة وجعلها أصلًا، ثم البحث عن مصادر أخرى مساعدة، فلو اختار مثلًا موضوع (الشكر) فإنه يبدأ بالكتب المتخصصة في ذلك ككتاب الشكر لابن أبي الدنيا، ثم يرجع إلى آيات الشكر في القرآن، وما قاله أهل التفسير، ثم الأحاديث وشروحها، ثم أبواب الشكر في كتب الآداب والمواعظ والأخلاق ...؛ لأن الكتب المتخصصة في الموضوع ستكفيه ما يقارب ثلثي الموضوع أو نصفه على الأقل فتخفف عنه مؤنة البحث والتقصي.
والكلام على مصادر الخطبة يحتاج إلى مقدمة مستقلة.
ب - أن ينطلق في عناصره وفِكَره من النصوص التي جمعها؛ فذلك أدعى للإقناع، وأيسر عليه. وبعض الخطباء قد تقدح الفكرة في ذهنه فتعجبه فيكتبها، ثم يعيا في البحث عن دليل يعضدها، ويقنع السامع بها؛ فيضيع وقته هدرًا في ذلك، ثم يشعر باليأس، وربما توقف عن الكتابة. أو يذكرها بلا دليل فلا تقنع السامع، وربما كانت خاطئة وهو لا يدري.
ولذا فإن صياغة الفِكَر، ووضع العناصر على ضوء النصوص والنقول التي جمعها يُؤَمِّنُه من الخطأ بإذن الله تعالى، ويريحه من التعب، ويقنع المستمعين؛ وبناءً عليه فإن جمع النصوص والنقول يكون قبل وضع الفِكَر والعناصر للموضوع.

3 - بعد اختيار النصوص والنقول التي سيجعلها في خطبته يضع لها عناصر مختصرة (عناوين تدل عليها)؛ فمثلًا عنده نص وهو قول الله تعالى: ﴿ وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ ( إبراهيم: 7. ) ، يجعل له عنوانًا أو عنصرًا (الشكر يزيد النعمة)، وهكذا في بقية النصوص والنقول.

4 - يرتب العناصر التي وضعها بنصوصها حسب رؤيته التي يراها مناسبة لوضعها في الخطبة، فيجعل العناصر المترابطة متوالية؛ فمثلًا في موضوع الشكر سيكون عنده عناصر في فوائد الشكر، وعناصر في عاقبة الكفر (كفر النعمة)، وعناصر في نماذج للشاكرين، وعناصر في نماذج لمن كفروا النعمة..، فيضم العناصر بعضها مع بعض تحت موضوعاتها.
ويكون هذا الترتيب بالترقيم والإشارة إلى العناصر لا بالكتابة من جديد، حتى لا يُثقِل على نفسه، ثم يسير في صياغة الموضوع وفق الأرقام التي لديه؛ فلا يفوته شيء، ويكون موضوعه مترابطًا منسجمًا.

5 - بعد الفهرسة والترتيب يقرر ما للخطبة الأولى، وما للثانية من العناصر المذكورة.

6 - ثم يبدأ بالصياغة حسب الخطة التي وضعها، والمادة التي جمعها.
وهناك أمور ينبغي التنبه إليها أثناء الصياغة منها:

أ - الإخلاص لله تعالى في كتابته، واستحضار النية الخالصة، ومجاهدة النفس في ذلك؛ فلا تعجبه نفسه أثناء الكتابة، أو يتذكر مدح المصلين له، وماذا سيقولون عن خطبته؛ فإنه إن أخلص لله تعالى بارك الله في كتابته وجهده، ونفع به الأمة.
ب - أن يعيش مع الخطبة بقلبه، ويضع نفسه محل السامع؛ أي كأنه المخاطَب بهذه الخطبة؛ لأن ذلك سيجعله يختار العبارات التي يرضاها ويحبها وتقنعه؛ فمثلًا لو كان يوجه نصيحة لواقعٍ في معصية معينة؛ فليضع نفسه مكان صاحب هذه المعصية، وكأنه المخاطَب بهذا الخطاب؛ فذلك أدعى للتأثر، وأجود في انتقاء الألفاظ المناسبة.
وبعض الخطباء الذين لا يراعون هذه الناحية تجدهم يترفعون على صاحب المعصية، ويخاطبونه من علو؛ فيكون عتابهم عنيفًا، وربما لا يقبله صاحب المعصية، لكنه لو وضع نفسه مكان صاحب المعصية، وبدأ بالعتاب فسيكون عتابًا رقيقًا، تقبله النفوس وتتأثر به.
ج - إنْ أحسّ الخطيب أن القلم لا يجاريه في الكتابة، وأن أفكاره مشتتة، وذهنه مشوَّش فليتوقف عن الكتابة حتى يزيل ما يشغله أو ينساه، ثم يعود إليها مرة أخرى.
د - إذا أشكلت عليه بعض الكلمات أو الجمل من جهة إعرابها، أو صرفها، أو دلالتها على المعنى الذي يريده، أو كونها غير فصيحة- فله خياران:

1 - الرجوع إلى المعاجم اللغوية للتأكد من صحة الكلمة، ومناسبتها للمعنى الذي أراده، أو سؤال من يعلم ذلك من أهل اللغة والنحو.
2 - استبدال الكلمة أو الجملة التي يشك فيها بكلمة، أو جملة أخرى يعلم صحتها، واللغة العربية غنية بالمترادفات من الكلمات والجمل.
وإن كنتُ أستحسن الطريقة الأولى؛ لكي ينمِّي الخطيب مهاراته اللغوية، وتزداد حصيلته من الكلمات والجمل.
هـ - العناية بعلامات الترقيم، وبداية الجمل ونهايتها؛ حتى يعينه ذلك على قراءة الخطبة بشكل صحيح، وعدم التعتعة والإعادة، وكثرة التوقف والتلكؤ.
? أجزاء الخطبة:

أولًا: المقدمة

وهي التي يستهل بها الخطيب خطبته، ويهيئ السامعين لسماعها، ويجذبهم بها إليه. ونجاح الخطيب فيها كفيل بالنجاح في بقية خطبته؛ إذ إن عسيرات الأمور بداياتها. وينبغي أن يراعي الخطيب فيها جملة أمور منها:
أ - أن تكون ذات صلة وثيقة بموضوع الخطبة، وممهدة له، ومهيئة الأذن لسماعه.
قال ابن المقفع: «وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك». وعلق عليه الجاحظ فقال: «فرِّق بين صدر خطبة النكاح وبين صدر خطبة العيد، وخطبة الصلح، وخطبة الواهب؛ حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه؛ فإنه لا خير في كلام لا يدل على معناك، ولا يشير إلى مغزاك، وإلى العمود الذي إليه قصدت؛ والغرض الذي إليه نزعت».
ب - أن تكون مناسبة في طولها وقصرها لمجموع الخطبة، والملاحظ أن بعض الخطباء يطيل في المقدمة إطالة قد تستوعب أكثر الخطبة أو نصفها، وهذا قد يصيب السامعين بالملال، وربما يئسوا من الدخول في الموضوع، فانصرفت أذهانهم عن الخطيب. وعكس هؤلاء الخطباء مَنْ لا يعتنون بالمقدمة، فيشرعون في الموضوع مباشرة، ولـمَّا يتهيأ المستمعون بعدُ.
وكِلا الأمرين غير حسن، والمطلوب الاعتدال في ذلك.

ثانيًا: صُلْب الموضوع

فبعد أن يمهد الخطيب لموضوعه في المقدمة، ويتهيأ السامعون لسماعه- يبدأ

في الموضوع، وينبغي أن يراعي ما يأتي:

أ - ترتيب الفِكَر وتسلسلها:

بحيث لا ينتهي من فكرة إلا وقد أعطاها حقها من الاستدلال والإقناع، سواء كان الاستدلال لها بالنقل أم بالعقل. ولا يقفز إلى فكرة أخرى، ثم يعود إلى الأولى مرة أخرى؛ فإن ذلك يُربك السامع ويشوش عليه. ولا يتأتى ذلك للخطيب إلا إذا جمع مادة الخطبة من نصوص واستدلالات ونقولات وفِكَر، ثم سلسلها ورتبها قبل أن يبدأ بصياغتها.

ب - التوازن بين الفِكَر:

فلا يُشبِع فكرة ويطيل فيها على حساب الأخريات. ومما يلاحظ عند كثير من الخطباء عدم التوازن في ذلك؛ فتراه في أول الخطبة يُشبِع كل فكرة ويطيل فيها، ويحشد النصوص لها، ثم لما يحسّ بأنه تعب، وأتعب السامعين، وأطال عليهم سرد الفِكَر الباقية سردًا بلا استشهاد ولا إقناع رغم أهميتها، وربما تكون أهم مما طرحه في الأول. وسبب ذلك أن الخطيب ليس عنده تصور كامل لخطبته وما فيها من مادة، وكم تستغرق من وقت.

وعلاج هذه المشكلة أن يقدر الخطيب وقت خطبته، ويُستحسن ألا تزيد عن ثلث ساعة، فإن زاد لأهمية الموضوع فنصف ساعة على الأكثر لكِلا الخطبتين. ويقدر كم تكون من ورقة حسب خطه وإلقائه، ويحسب كم فكرة عنده، وكم لها من نص، ومن ثم يسجِّل الفِكَر مع نصوصها، وما تحتاجه من صياغة على الأوراق التي قدَّرها من قبلُ، فلا تخلو حينئذ من إحدى حالات ثلاث:

1 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها متناسبة مع حجم المساحة التي قدرها أي زمن الخطبة، فيبدأ بالصياغة مرتبًا الفِكَر كما سبق ذكره، معطيًا كل فكرة حقها من الأسطر بلا زيادة ولا نقص إلا شيئًا يسيرًا لا يُخلُّ بالخطبة.

2 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها أقل من المساحة التي قدرها، وفي هذه الحالة له خيارات عدة:

أ - أن يقصر الخطبة فتكون أقلَّ من ثلث ساعة، فهو ينظر إلى استيعاب الموضوع، ولا يلتفت إلى الوقت.
ب - أن يزيد فِكَرًا ذات صلة بالموضوع بقدر المساحة المتبقية.
ج - أن يسترسل في الصياغة أي يطيل في صياغة كل فكرة بحيث يغطي النقص.
د - أن يزيد في الاستدلالات لكل فكرة.
وعلى الخطيب أن يقدر الأصلح في ذلك بما يتناسب مع أحوال المصلين معه.

3 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها أطول من المساحة المقدرة؛ فإن كان الطول يسيرًا فيمضي، وإن كان كثيرًا فلا يخلو من إحدى حالتين:
أ - أن يمكن قسمة الموضوع إلى موضوعين فأكثر بحيث يكون كل موضوع وحدة مستقلة، فيقسمه. ومثال ذلك: لو أراد الخطيب أن يتكلم عن حشر الناس يوم القيامة، وابتدأ حديثه منذ بَعْثِهم من قبورهم ثم حَشْرِهم في العرصات ... فسيجد أن موضوع البعث صالح لأن يكون موضوعًا مستقلًا؛ لكثرة ما فيه من نصوص، وهكذا موضوع الحشر، ثم ما بعد الحشر وهو فصل القضاء، فيجعلها موضوعات عدة.

ب - أن لا يمكن قسمته بهذا الشكل، كأن يكون الموضوع بطوله وحدة متكاملة لا تُجَزَّأ. ومثال ذلك الحديث عن فوائد الأمراض، وهي كثيرة، وفيها نصوص كثيرة أيضًا. فلو قدرنا أن فوائد الأمراض المنصوص عليها عشرون فائدة، وفيها من النصوص ثلاثون نصًا- فلا شك أن خطبة واحدة لا يمكن أن تستوعبها ولا اثنتين، لكن بالإمكان ذكر سبع فوائد في كل خطبة بحيث تصير ثلاث خطب، أو عشر فوائد في كل خطبة بحيث تصير خطبتين، فيسرد الخطيب في كل من الخطبتين أو الثلاث فوائد الأمراض جملة وتفصيلًا في الفوائد التي اختارها لهذه الخطبة بنصوصها. ثم في خطبة أخرى يسرد ما فصّله في الأولى جملة، ويفصل فيما لم يذكره وهكذا. ويكون عنده أكثر من خطبة في الموضوع.

ثالثًا: الخاتمة

بعضهم يجعلها في الخطبة الأولى، وينتقل في الخطبة الثانية إلى موضوع آخر في الغالب يكون موضوعًا وعظيًا معتادًا يذكِّر بالنار، ويحث على التقوى، ويكون مسجوعًا، وهذا الأسلوب كان مستخدمًا عند خطبائنا قبل سنوات، ولا يزال بعض كبار السن منهم ينهجونه إلى اليوم.

وأكثر الخطباء في هذا العصر حسب علمي يجعلون الخطبة الثانية موصولة بالأولى وفي موضوعها نفسه، وينهجون في ذلك منهجين:
أ - أن يلخص فيها موضوع الخطبة بعبارات مركزة فتكون كخاتمة مركزة للموضوع.
ب - أن يذكر المطلوب من السامعين حيال الموضوع الذي طرحه، ولعلّ هذا المنهج أحسن لتلافي التكرار، ولحصول الفائدة من عرض الموضوع؛ ذلك أن المستمعين استمعوا في الخطبة الأولى إلى عرض الموضوع بأدلته النقلية والعقلية، فاقتنعوا بأهميته، وهم ينتظرون من الخطيب أن يبين لهم ما يجب عليهم تجاهه؛ فإن كان الموضوع عن سُنَّة مهجورة حفزهم لإحيائها، وإن كان منكرًا حثهم على إنكاره، وإن كان نصرة للمسلمين بيّن لهم طرق النصرة ومسالكها.


تنبيه مهم:

يلاحظ أن كثيرًا من الخطباء يجتهدون في جمع مادة الموضوع، وحشد النصوص له، وحسن الصياغة، وهذا يُقنع المستمع بما أُلقي عليه- لكنهم لا يذكرون واجب المستمع تجاه ما أُلقي حتى كأن الخطبة لم توجَّه للمستمع، ومن ثم لا تؤدي النتيجة المرجوة منها، وتجد أن الناس خرجوا من عند الخطيب متأثرين مثنين على خطبته وجمالها وقوتها، وأهمية موضوعها لكنهم لم يدركوا ما المطلوب منهم تجاه الموضوع المطروح.

وربما أن بعضهم لفطنته فهم أنه معنيٌّ بهذا الموضوع، ومخاطَب به، وعليه واجب تجاهه- لكنه لا يدري ماذا يفعل، أو ربما اجتهد فأخطأ؛ فينبغي للخطيب أن يلخص واجب كل مسلم تجاه الموضوع الذي أُلقي، سواء على وجه الإجمال، أو بشيء من التفصيل والبيان؛ إذ إن هذا هو مقصود الخطبة وهو أن يخرج الناس من المسجد وهم متشوقون إلى أداء ما يجب عليهم تجاه ما ألقاه الخطيب.

يتبع إن شاء الله ....















  رد مع اقتباس
قديم 2011-11-11, 19:05 رقم المشاركة : 218

Icon3 وقفة مع حِكمة زواج النبي بأم سلمة



اللهم إجعل مواضيعى في خدمة الإسلام و المسلمين ترفع بها درجاتى و تدلنى على عمل الخير و فعله اللهم إهد إخوانى و أخواتى المسلمات لما تحب و ترضى

أقدم لكم هذا الموضوع على بركة الله تعالى لإفادتكم بحول الله








من الجوانب المشرقة في السيرة النبوية العطرة، أنها تعرض تفاصيل حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليستفيد المسلمون من دروسها وعبرها، وينعموا بآدابها وأحكامها، ومن ذلك قصة زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأم سلمة ـ رضي الله عنها ـ ..

حيث اشتمل هذا الزواج بأم سلمة ـ وغيرها من أمهات المؤمنين ـ بالعديد من الحِكم والعظات، التي تزيد في إيمان المسلم بعظمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورفعة شأنه وكمال أخلاقه ..

و أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة ، بنت عم خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ، وهي من المهاجرات الأول . وكانت قد تزوجت بأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ابن عمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة، وكانت قد ابتليت مع زوجها ابتلاء شديدا عند الهجرة، وجُرح زوجها أبو سلمة في غزوة أحد، وخرج بعدها بسنتين في سرية، ولما عاد منها في جمادى الآخرة من السنة الرابعة للهجرة اشتد عليه جرحه ومات .

فلما توفي ـ رضي الله عنه ـ جاءت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ( يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات، قال: قولي: اللهم اغفر لي وله وأعقبني(عوضني) منه عُقبى حسنة، قالت: فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه محمدا - صلى الله عليه وسلم - )( مسلم ) ..

قال عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنه ـ : إن أم سلمة لما انقضت عدتها خطبها أبو بكرفردته، ثم خطبها عمر فردته، فبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: مرحباً، أخبر رسول الله أني غيرى(شديدة الغيرة)، وأني مُصبية (ذات أولاد صغار)، وليس أحد من أوليائي شاهد . فبعث إليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أما قولك: إني مصبية، فإن الله سيكفيك صبيانك، وأما قولك: إني غيرى فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء فليس أحد منهم إلا سيرضى بي .. )( أحمد )

وكانت أم سلمة قد ولدت طفلة من زوجها أبي سلمة بعد موته، فعندما تزوجها - صلى الله عليه وسلم - جعل يأتيها، فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان - صلى الله عليه وسلم - حيياً كريماً يستحي فيرجع، ففعل ذلك مرارا، ففطن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - وهو أخ لأم سلمة ، فأطلق قدميه نحو بيت أخته أم سلمة ، فأخذ ابنة أخته ليسترضعها في بيته أو عند أحد النساء، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أين زناب ؟ فقالت قريبة ابن أبي أمية - ووافقها عندها - أخذها عمار بن ياسر . فقال - صلى الله عليه وسلم - : إني آتيكم الليلة.. ) ( أحمد ) ..

وكانت لفتة حانية، وتكريما رفيعا من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تزوج أم سلمة - رضي الله عنها -، فقد أصبحت بعد وفاة زوجها - المجاهد أبي سلمة - من غير زوج يعيلها، أو أحد يكفلها، رغم ما بذلت هي وزوجها من جهد لهذه الدعوة المباركة، وهي مع ذلك كان لها من الأيتام أربعة، فكان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الزوج لها والكفيل لأبنائها .

لم يكن زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أم سلمة لأجل التمتع المباح، وإنما كان لظروفها وفضلها، ودينها وعقلها الذي يعرفه المتأمل بجودة رأيها يوم الحديبية، فقد روى الإمام أحمدبسنده من طريق المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم - رضي الله عنهما - قصة صلح الحديبية في حديث طويل، ذكر فيه أنه لما تم الصلح بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشركي قريش قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( يا أيها الناس انحروا واحلقوا)، قال: فما قام أحد، قال: ثم عاد بمثلها، فما قام رجل حتى عاد بمثلها، فما قام رجل، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فقال: ( يا أم سلمة ما شأن الناس؟ قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنساناً، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره، واحلق فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحره ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون ) . فكان رأي أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ رأياً موفقا ومشورة مباركة، قال ابن حجر : " وإشارتها على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الحديبية تدلُّ على وفور عقلها وصواب رأيها " ..

ثم إن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ من بني مخزوم أعز بطون قريش، وهي التي كانت تحمل لواء الحراب والمواجهة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووراء هذا الزواج نوع تألف لهذه القبيلة، وتقريب لقلوب أبنائها، وتحبب إليهم ليدخلوا في الإسلام بعد أن صاروا أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد نالت أم سلمة حظّاً وافراً من أنوار النبوة وعلومها، حتى غدت ممن يُشار إليها بالبنان فقها وعلماً، بل كان الصحابة يفدون إليها ويستفتونها في العديد من المسائل، ويحتكمون إليها عند الاختلاف، ومن ذلك أن أبا هريرة وابن عباس اختلفا في عدة المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حملها، فبعثوا إلى أم سلمة فقضت بصحة رأي أبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ ..

وبلغ ما روته من أحاديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر الذهبي ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا، اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، و مسلم بثلاثة عشر حديثا .

وقد ظهرت في زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حِكم كثيرة من حِكم تعدد زوجاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، إضافة إلى ما سبق منها: الحكمة التعليمية، فقد كانت معظم مروياتها عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأحكام والعبادات، وستر العورة، والجنائز، وحجاب المرأة، كما روت في المغازي وغير ذلك ..

وهو جزء من الحِكم التشريعية والإنسانية والتعليمية التي اشتمل عليها تعدد زوجاته ـ صلى الله

عليه وسلم ـ، إضافة إلى ما يتعلق بمصلحة الدعوة وتبليغ الرسالة، فقد حرص في بعضها على توثيق الرابطة بين الإسلام وبعض القبائل، كما حدث عندما تزوج بجويرية بنت الحارثسيد بني المصطلق، الذي كان من آثاره إسلام جميع قبيلتها، وكزواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، و صفية بنت حيي بن أخطب ..

وهدف في بعضها الآخر تكريم أرامل الشهداء الذين ماتوا في الحبشة، أو استشهدوا من أجل الدعوة في سبيل الله، وتركوا أرامل لا يقدرون على تحمل أثقال الحياة وأعبائها الجمة، مثلأم سلمة ـ التي نحن بصدد الحديث عنها ـ، و زينب بنت خزيمة ، و سودة بنت زمعة .


وكان في بعضها الآخر زواجا تشريعيا كزواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من زينب بنت جحش وذلك لهدم نظام التبني الذي كان موجودا عند العرب .

ومنها توثيق أواصر الترابط بينه وبين صاحبيه الجليلين أبى بكر وعمر ، وتكريمهما بشرف المصاهرة به، وذلك ظاهر في زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر ـ رضي الله عنهم ـ .

وثمة أمر آخر هام وهو أن الإسلام ـ الذي هو خاتم الأديان ـ بحاجة إلى من يبلغ أحكامه الشرعية الخاصة بالنساء وهي كثيرة، وزوجة واحدة لا تستطيع القيام بهذا العبء وحدها، فالأمر أكبر من ذلك بكثير .

وقد ذكر رواة السنة أن نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ روين أكثر من ثلاثة آلاف حديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كان لعائشة ـ رضي الله عنها ـ النصيب الأكبر فيها، فقد روت ألفين ومائتين وعشر .. ثم تلتها أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حيث روت ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا، وتتابع الباقي يروين ما بين خمسة وستين مثل أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وستين كحفصة بنت عمر ، وستة وأربعين كميمونة بنت الحارث ، وأحد عشر كزينب بنت جحش ، وغير ذلك، رضي الله عنهن جميعا ..

ومن ثم فقد ساهمت أمهات المؤمنين ـ رضوان الله عليهن ـ مساهمة فعالة في نقل السنة النبوية - وهي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله - إلى الأمة الإسلامية ..

وقد تُوُفِّيَتْ أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين للهجرة، بعد أن بلغها مقتل الحسين ـ رضي الله عنه ـ فحزنت عليه حزنا كبيراً، وكانت قد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، فكانت آخر زوجات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ موتاً، فرضي الله عنها، وعن جميع أمهات المؤمنين ..








  رد مع اقتباس
إضافة رد


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:41


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت