نشرت صحيفة "الإمارات اليوم" في عددها الصادر يوم الأحد 15 نوفمبر 2009 تقريراً هاماً يتناول موضوع إدمان المواقع الإباحية، وخاصة خلال مرحلة المراهقة، وما تتركه هذه الظاهرة من آثار اجتماعية وسلوكية سيئة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مرحلة المراهقة تحمل الكثير من علامات الاستفهام التي تثير المراهقين، ولاسيما في ما يتعلق بحياتهم العاطفية، وغالباً ما يلجأ مراهقون إلى الإنترنت كمصدر يستقون من خلاله الأجوبة عن التساؤلات وعلامات الاستفهام التي تثيرهم، خصوصاً المتعلقة بالعلاقات الحميمة. وقد يتحول الفضول لدى بعضهم إلى حالة من الإدمان على هذه الصور أو الأفلام، فتصبح منفذاً لتفريغ الطاقات، وهدر المشاعر. وخطورة الظاهرة لا تتمثل في حالة الإدمان لدى البعض فحسب، بل كونهم يعتادون مشاهدة الأفلام حتى بعد الزواج؛ ما يؤدي إلى مشكلات وخلل في العلاقة مع الشريك الآخر.
واستطلعت الصحيفة آراء عدد من الشبان والشابات من جنسيات مختلفة للوقوف على أسباب الظاهرة حيث يرى رامي جابر (سوري) أن «الرجل يلجأ إلى مشاهدة تلك المواقع عبر الإنترنت، عندما يعاني نقصاً وعدم اكتفاء في علاقته مع زوجته. وبالتالي قد يكون هذا السبيل الوحيد كي لا يخون الزوجة وكي يملأ الفراغ في حياته»، مضيفاً أن «المراهق قد يلجأ إلى مشاهدة تلك الأفلام لأن الفضول يدفعه إلى ذلك، وهذه المرحلة مر بها كثيرون، ومن الممكن ان يدفع الفضول الفتيات لمشاهدة هذه الأفلام، واعتبر جابر أن «هناك بعض الحالات التي قد تكون مرضية وأكثر من مجرد عادة».
فيما يعزو زكريا أحمد (مصري) الظاهرة إلى تأخر سن الزواج، معتبراً ذلك السبب الرئيس الذي يدفع إلى إدمان مشاهدة تلك الصور والأفلام، مضيفاً «شخصياً رغم أني لست متزوجاً فلا ألجأ إليها لأن هناك وازعاً دينياً وأخلاقياً يمنعني من ذلك»، مشيراً إلى أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل التي قد تدفع الشباب إلى هذه الأفلام كون هناك الكثير من علامات الاستفهام حول هذه العلاقات وطبيعتها، وبالتالي الإنترنت الطريق الأسهل للحصول على الإجابة، لافتاً إلى أن وجود رقابة الأهل على الإنترنت أمر مهم كونه يحد من هذه الظاهرة.
ولرامز السويس (أردني) رأي آخر حيث يقول: «كنت ألجأ إلى مشاهدة هذه الأفلام الاباحية في مرحلة المراهقة حالي حال معظم الشباب الذين يستكشفون العلاقة العاطفية، ولكني أؤكد أنه من الأفضل أن يسأل المرء الأكبر منه سناً، حيث سيتلقى منهم المعلومات الدقيقة والصحيحة»، مشيراً إلى أن حب المعرفة هو الذي يدفع إلى مشاهدة هذه الأفلام، فيما يلجأ البعض إليها سبيلاً إلى تفريغ الطاقات. ويرى ان «المتزوج الذي يواظب على مشاهدة المواقع الإباحية يكون إما لديه طاقات غير مشبعة، وإما انه لم يعش مراهقته بالشكل الصحيح، فامتدت معه إلى ما بعد الزواج». واعترف السويس بأنه يمر بفترات تجعله يلجأ إلى مشاهدة هذه الأفلام، ولكنها فترات قصيرة وبعدها يتوقف.
في المقابل قالت المواطنة حنان حسن «لم أقم يوماً بتصفح الإنترنت لهذا الغرض، لأنني أفضل أن أسأل أهلي للاطلاع على أي شيء، كما أنني اعتقد أن هذه العادة تؤدي إلى قلة اهتمام المرأة بزوجها». وذكرت أن الرقابة الموجودة على الانترنت مهمة للحد من هذه الظاهرة، ووجود بعض البرامج التي من الممكن استخدامها لهذا الغرض، مستدركة بأن «هواتف (البلاك بيري) وانتشارها بين فئة الشباب ساعدت على انتشار تلك الأفلام كثيرا عبر الهواتف».
أما هادية منصور فتقول ان مشاهدة الزوج هذه الأفلام، تهين الزوجة وتشعرها بالنقص، «أحياناً تصل لزوجي رسائل الكترونية قد تكون فيها صور لعارضات أزياء أو ما شابه، علماً بأن زوجي لا يهتم لأمرها ويراها بطريقة سريعة إلا أن الأمر يزعجني، وأعتقد أنه ليس سهلاً على المرأة ان تتقبل ان تكون في هذا الموقف». وترى منصور، التي أكدت أنها لا تشاهد هكذا صور، أن «مشاهدة الزوج أو الزوجة هذه الأفلام أو الصور بقصد، يكون بسب خلل في العلاقة الزوجية».
ويذكر راني محمود أن هذه الأفلام لم تجذبه إلا في مرحلة المراهقة، فبعد أن تزوج لم تعد تعني له أي شيء، ويتابع «احترم زوجتي كثيراً ولا أظن انه من الممكن أن اجرح مشاعرها، وشخصياً لا أرى أن الخلل في العلاقة مبرر لهذا الفعل، فمن الممكن أن يتصارح الزوجان ويصلا إلى حل لجميع مشكلاتهما».
الممنوع مرغوب
وحرصت الصحيفة في نهاية تقريرها إلى أخذ الرأي الطبي من أصحاب الاختصاص حيث يؤكد الاستشاري في الطب النفسي، الدكتور علي الحرجان، أنه «غالباً ما يدخل المراهقون صفحات الإنترنت من دون مراقبة أو توجيه من أحد، ولاسيما ان كانت مواقع محظورة، لأن الممنوع مرغوب، ودائماً هناك حافز على الاستكشاف»، مشدداً على أن من يلجأ إلى الإنترنت لن يشعر بالإشباع مما يرى، بل على العكس سيكون لديه اعتقاد دائم بأنه سيكتشف المزيد، لاسيما في غياب من يشرح للمراهق او المراهقة المعلومات الصحيحة والكفيلة وحدها بإنهاء هذا الفضول لديهم».
ولفت الحرجان إلى أن الأفلام هذه تؤثر في العلاقة العاطفية في حياة المرء لاحقاً بعد الزواج «كون ما يعلق في ذهن المراهق هو الفتيات الجميلات جداً، واللواتي يتمتعن بمعايير مثالية في الجمال، وبالتالي لن تكون الزوجة مثالية في نظره على الإطلاق، إذ إن الزوج سيكون دائماً في حالة استرجاع لما اعتاد تصفحه على الإنترنت»، مستطرداً «الاعتياد على تصفح الصور والأفلام الخليعة على الإنترنت، قد يؤدي عند البعض إلى رد فعل عكسي، بحيث يكره المرء العلاقة الحميمة، وقد تصل لدى البعض احياناً الى حالة الوسواس القهري، فيصبح هناك إدمان قوي عليها». موضحا ان ادمان تلك المشاهدة يؤدي الى عدم احساس المرء بالشريك بعد الزواج، ناصحاً بضرورة التركيز على المشاعر عندما يكون الرجل مع زوجته، ليتمكن من ان يعتاد على زوجته ويشعر بها.