من أحدث المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت والتي تهدف إلى ما يسمى بالتدوين المصغّر (Micro-blogging) هو موقع تويتر (Twitter.com). ويعمل موقع (تويتر) كلوحة إعلانات كبيرة ينشر فيها المشاركون مدوناتهم أو مذكراتهم القصيرة، والتي لا تتجاوز 140 حرفا كحد أقصى، بهدف التواصل السهل والسريع مع الأصدقاء وذوي الاهتمامات المشتركة. وتحتوي هذه المدونات القصيرة (والتي تسمى Tweets) على مشاركات الأعضاء والتي تكون غالباً أخباراً شخصية أو انطباعات عن حدث معين في لحظة معينة تعرض على الصفحة الرئيسية للعضو. ليس ذلك وحسب، بل يستطيع المشاركون أن يتجاوبوا مع ما ينشره نظراؤهم وذلك بالرد أو التعليق على تلك المشاركات، مما يساعد بشكل افتراضي على خلق بيئة نقاش تفاعلية. وبإمكان المشارك أن يقوم بنشر المدونات وكذلك قراءة مدونات الآخرين عن طريق عدد من الوسائل من أشهرها: استخدام موقع (تويتر) نفسه أو إرسال رسالة نصية قصيرة (SMS) مجاناً للموقع أو عن طريق البريد الإلكتروني أو عن طريق برامج التراسل الفوري أو عن طريق بعض التطبيقات المطورة خصيصاً لهذا الغرض.
وينقسم الأعضاء في موقع (تويتر) إلى صنفين عامين على حسب اتجاه انتقال التدوين أو المشاركة. فالصنف الأول يسمى (متابعون) أو (Followers) والصنف الآخر يسمى (متبوعون) (Followed). وكما يبدو لنا من خلال تلك المسميات، فإن الصنف الأول (المتابعون) هم من يقرأ ويتتبع مشاركات الآخرين سواءً كانوا أفراداً أو شركات. أما الصنف الثاني (المتبوعون)، فهم من تتم قراءة مشاركاتهم من قبل الآخرين.
مزايا:
يقدم موقع (تويتر) مجموعة من الخدمات والتسهيلات التي من الممكن الاستفادة منها سواءً على الصعيد الشخصي أو على الصعيد التجاري. على الصعيد الشخصي، من الممكن الاستفادة من هذه الخدمة في سبيل توطيد العلاقة بين الأصدقاء وفي مجال تبادل الخبرات والنصائح بين الأعضاء. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يضع المشارك سؤالاً أو استفساراً يطلب فيه الإجابة من الأشخاص ذوي الخبرات ولمن سبق لهم أن مروا بتجربة مشابهة لتجربة السائل وكيف كانت انطباعاتهم حينها. ويساعد في هذا المجال إمكانية وضع روابط لصفحات الويب والتي من الممكن أن تحتوي على معلومات لها صلة بذلك الاستفسار المطروح. ويعمل الموقع أيضاً كدليل لحفظ قائمة الأصدقاء وأخبارهم السابقة. ومن الممكن أيضاً التعرف على أصدقاء جدد يشاركونك الاهتمام بهواية معينة أو مجال حرفي معين بهدف معرفة آخر المستجدات في هذا المجال. ومن الاستخدامات الشائعة أيضاً لهذه الخدمة هي عرض الإنجازات الشخصية والبحث عن وظيفة؛ إذ بإمكانك الإعلان عن رغبتك في الحصول على وظيفة أو تغيير وظيفتك الحالية ونشر رابط لسيرتك الذاتية، على سبيل المثال.
أما على الصعيد التجاري وصعيد الأعمال، فقد قامت بعض المنظمات، وخصوصاً الإعلامية منها، بالاستفادة من خدمات موقع (تويتر) وذلك بنشر روابط بأحدث الأخبار بشكل آني ومبرمج. لذا، تجد العديد من محبي ومتابعي الأخبار يشتركون مع تلك الجهات الإعلامية لتقصي آخر الأنباء والأحداث العالمية والمحلية أو حتى الأنباء المتخصصة كالمتعلقة بالتقنية أو الطب أو غيرها.
وتمثل إمكانية التعليق على المشاركات ميزة تفاعلية قد تستفيد منها المنظمات التجارية بمعرفة آراء زبائنها وانطباعاتهم حول منتجاتها أو خدماتها المقدمة كوسيلة فعالة لمعرفة ردة فعل الزبائن والتخاطب معهم مباشرةً. من الاستخدامات الشائعة أيضاً هي تذكير الأعضاء بمواعيد الاجتماعات أو الفعاليات أو المحاضرات ونشر الإعلانات المتعلقة بذلك. وقد طرأ مؤخراً استخدام سياسي جديد لتلك الخدمة وذلك بالاستفادة منها في عملية الترويج والدعم للحملات الانتخابية؛ إذ يقوم الشخص المنتخب بنشر خططه وبرنامجه وسيرته الذاتية وغيرها من المعلومات التي تهدف إلى دعم حملته الانتخابية بشكل آني وتفاعلي مع الجمهور.
عيوب:
وإذا ما تطرقنا للجوانب الأخرى لهذه الخدمة، فإنه تبرز لنا عدة أوجه سلبية قد تحد أو تحكم طريقة استخدامنا لها. فمن أبرز عيوب مواقع التواصل الاجتماعي أو التدوين هي انتهاكه لخصوصية المستخدم وعرض معلوماته الشخصية على الملأ (في حال لم يقم المستخدم بتغيير الإعدادات الأولية)، وقد يكون هذا التصرف العفوي من قبل المستخدم عاملاً يساعد المخترقين (الهاكرز) على استغلال تلك البيانات والإقدام على ارتكاب إحدى الجرائم الإلكترونية مثل انتحال الشخصية (Identity Theft) أو الابتزاز أو سرقة البريد الإلكتروني وذلك بتخمين كلمة المرور من خلال ما ينشره المستخدم من معلومات تفصيلية عن شخصه.
وتحت مظلة موضوع الخصوصية أيضاً، ينبغي أن يقرأ المستخدم "شروط وأحكام الاشتراك" بمثل ذلك النوع من الخدمات، نظراً لما تحويه من شروط وأحكام قد تجعل كل ما يدونه العضو ملكاً وحقاً للموقع. على سبيل المثال، تتضمن شروط وأحكام الاشتراك لأحد المواقع الإلكترونية المشابهة ل (تويتر) النص التالي: "أي نوع من المعلومات يحمّله المستخدم إلى أجهزة الموقع، سواءً كانت نصوصاً أو صوراً أو عروض فيديو أو ملفات صوتية أو روابط لمواقع أو رسائل شخصية أو أي شيء آخر تنشره أو تشارك به عبر خدمة الموقع، يمكن للموقع استخدامه في أي وقت ولأي سبب، ومن دون أن يخبرك بذلك"!!
أما من الناحية الاجتماعية، فيعتبر العديد من مختصي علم الاجتماع أن مثل تلك المواقع، والتي تشجع على العيش في مجتمع افتراضي إلكتروني وما تحتويه من تكوين صداقات عن بعد، ما هي إلا عوامل هدّامة لمفهوم المجتمع الحقيقي والترابط الاجتماعي الذي ينبغي أن يبنى على اللقاءات والاجتماعات الحية لسد فجوة التفكك والعزلة الاجتماعية.
بالإضافة إلى عدد من النواحي السلبية الأخرى كفقدان عنصر الاعتمادية (Reliability) كما حدث خلال شهر أغسطس 2009 عندما تعرض موقع (تويتر) إلى هجوم مكثف من قبل مجموعة محترفة من المخترقين مما أدى إلى تعطل الخدمة لقرابة الساعتين.
أخيراً، ولكي نختم أهم العيوب المتعلقة بمثل تلك المواقع الإلكترونية نذكر ما يرتبط منها بالمؤسسات والمنظمات وكيفية تعاملها مع موظفيها بهذا الخصوص. ففي دراسة حديثة (عام 2009)، أعدت بواسطة (Nucleus Research)، بينت تلك الدراسة أن نصف الموظفين الأمريكيين الذين يدخلون على مواقع الشبكات الاجتماعية يدخلونها خلال أوقات الدوام الرسمي. وأظهرت الدراسة أيضاً أن بعض الموظفين يقضي ما يتجاوز الساعتين في تلك المواقع. وهو ما دعا بطبيعة الحال بعض الشركات والمؤسسات الأمريكية إلى حجب تلك المواقع عن موظفيها حفاظاً على إنتاجيتهم. ينبغي أن نذكر هنا أنه من المهم أيضاً أن يراعي الموظف سياسات ولوائح المنظمة التي ينتمي لها فيما يتعلق بالتدوين أو النشر الإلكتروني حول أسرار العمل أو المعلومات الحساسة الخاصة بالمنظمة. وهو أيضاً ما يحمل المنظمة نفسها بالدرجة الأولى مسؤولية توعية موظفيها عما لا يجب نشره في مواقع التدوين أو المنتديات أو مواقع الشبكات الاجتماعية.
سلطان سليمان الطخيم
متخصص في أمن المعلومات
صحيفة الرياض السعودية