السلام عليكم
هل كان مصادفة أن يأتي الأمر بقراءته في أول آية يتنزل بها وحي السماء , عندما أراد الله لهذه الأمة أن تنهض من رقادها على مال الصحراء , فترص صفوفها وتوحد كلمتها أولاً , ثم تنشر رسالتها ثانياً , لتبني الإنسانية حضارة ...تشع أنوارها على ثلث المعمورة في مدة وجيزة معجزة , ولتقدم أصدق وأسرع نموذج تطبيقي فعال للأمر الإلهي الأول (( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق
اقرأ وربك الأكرم ))..هل كان حدثاً عارضاً أن يجعل الرسول تعليم الأبناء فداءً للأسرى , وأن يؤسس معاوية نواة بيت الحكمة , ثم يقوم خالد بن يزيد بتنظيمها وتزويدها بالكتب المترجمة والمؤلفة , وأن يطلب المأمون أحمال الكتب شرطاً للصلح مع بعض
البلاد المفتوحة , وأن يدفع لمترجمه جنين بن إسحاق وزن ما يترجمه له من الكتب ذهباً , مهما بلغ في ثخانة ورقها , وتكبير حروفها , وتوسعة ما بين أسطرها ؟
ألم يهب الأميريكيون لإصلاح نظم التعليم لديهم , عندما سبقهم الروس إلى القمر, بوصفها مكمن الداء ورأس الدواء ؟
ألم يهب الفرنسيون عندما لاحظوا نسبة ضئيلة من التراجع في القراءة لدى أجيال الشباب عام 1993م لينظموا مهرجان جنون المطالعة , فيفتحوا أبواب المكتبات العامة والخاصة , وينزل الوزراء والمفكرون والكتاب إلى الشوارع والحدائق والساحات , ليعيدوا للشعب زخم القراءة ؟
إن الكتاب خزانة المعرفة والقراءة سر التقدم ومفتاح النهوض .. لا أعني قراءة النصوص و المناهج سواء كانت ثانوية او جامعية, فهي قراءة تستهدف الشهادة , ولا تبني الثقافة , وتنتهي بالحصول على هدفها , فيتردى المجتمع في أمة ثقافية لاحقة , إنما أعني القراءة خارج المناهج التربوية , القراءة المستمرة من المهد إلى اللحد , عادة القراءة التي ترقى بالكتاب إلى مستوى الحاجة , فيكون الكتاب رغيف الفكر إلى جانب رغيف المعدة . هل يقوم جسد من دون رغيف ؟ كذلك لن ينمو فكر من دون كتاب بل إن نهم الجسد إلى الرغيف يورث البطنة والتخمة , ونهم الفكر إلى الكتاب يوسع آفاق المعرفة , ويهتك أستار المجهول , ويكشف أسرار التقدم .. إن وعاء المعدة محدود , ووعاء الفكر بلا حدود .. من يقرأ أكثر يرتق أكثر , وستكون منزلته عند آخر كلمة يقرؤها....لذلك يجب ان نشاهد كل ولايات الجمهوية تقرأ...و تتصالح مع الكتب...