وجوب الوليمة:
ولا بد له من عمل وليمة بعد الدخول؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بها كما يأتي، ولحديث بريدة ابن الحصيب، قال:
لما خطب علي فاطمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنه لا بد للعرس( وفي رواية للعروس ) من وليمة )) - أحمد والطبراني والطحاوي. وإسناده كما قال الحافظ في الفتح:
((لا بأس به ))- .
قال: فقال سعد علي كبش، وقال فلان: علي كذا وكذا من ذرة، وفي الرواية الأخرى:
((وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة )).
السنة في الوليمة:
وينبغي أن يلاحظ فيها أموراً:
الأول: أن تكون ثلاثة أيام عقب الدخول، لأنه هو المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال:
((بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة، فأرسلني فدعوت رجالاً على الطعام )) البخاري والبيهقي.
وعنه قال:
((تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية، وجعل عتقها صداقها، وجعل الوليمة ثلاثة أيام )) أبو يعلى بسند حسن وهو في ((صحيح البخاري )) بمعناه.
الثاني: أن يدعو الصالحين إليها، فقراء كانوا أو أغنياء، لقوله صلى الله عليه وسلم:
((لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي )) أبو داود والترمذي، والحاكم، وأحمد.وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد )) ووافقه الذهبي.
الثالث: أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة،
لحديث أنس رضي الله عنه قال:
((إن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري [فانطلق به سعد إلى منزله، فدعا بطعام فأكلا]، فقال له سعد: أي أخي! أنا أكثر أهل المدينة ( وفي رواية: أكثر الأنصار )مالاً، فانظر شطر مالي فخذه ( وفي رواية: هلم إلى حديقتي أشاطركها ))، وتحتي امرأتان [وأنت أخي في الله، لا امرأة لك]، فانظر أيهما أعجب إليك [فسمها لي] حتى أطلقها [لك] [فإذا انقضت عدتها فتزوجها]، فقال عبد الرحمن: [لا والله]، بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فدلوه على السوق، فذهب، فاشترى وباع، وربح، [ثم تابع الغدو] فجاء بشيء من أقِطٍ- لبن مجفف يابس مستجر يطبخ به- وسمن [قد أفضله] [فأتى به أهل منزله]، ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، فجاء وعليه ردع زعفران ( وفي رواية: وضر من خلوق )،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهْيَم؟ فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأة [من الأنصار]، فقال: ما أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب، قال: [فبارك الله لك] أولم ولو بشاة، [فأجاز ذلك]. قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب [تحته] [ذهباً أو فضة]، [قال أنس: لقد رأيته قُسِم لكل أمرأة من نسائه بعد موته مائة ألف دينار] ))البخاري، والنسائي، وابن سعد، والبيهقي.
وعن أنس أيضاً:
((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب، فإن ذبح شاة، [قال: أطعمهم خبزاً ولحماً حتى تركوه] )) البخاري ومسلم .
جواز الوليمة بغير لحم:
ويجوز أن تؤدى الوليمة بأي طعام تيسر، ولم لم يكن فيه لحم، لحديث أنس رضي الله عنه قال:
((أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت( وفي رواية: فحصت الأرض أفاحيص، وجيء بالأنطاع فوضعت فيها ) ، فألقي عليها التمر والأقط والسمن [فشبع الناس] )) البخاري ومسلم.
مشاركة الأغنياء بمالهم في الوليمة:
ويستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة في إعدادها؛ لحديث أنس في قصة زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية قال:
((حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً، فقال:
من كان عنده شيء فليجئ به، ( وفي رواية: من كان عنده فضل زاد فليأتنا به )، قال: وبسط نطعاً، فجعل الرجل يجئ بالأقط، وجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يأتي بالسمن، فحاسوا حيساً [فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء]، فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) الشيخان وأحمد.
28- تحريم تخصيص الأغنياء بالدعوة:
ولا يجوز أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
((شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقط عصى الله ورسوله )) مسلم، والبيهقي، وهو عند البخاري موقوفاً على أبي هريرة.
وجوب إجابة الدعوة:
ويجب على من دعي إليها أن يحضرها، وفيها حديثان:
الأول: فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض )) البخاري .
الثاني: ((إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها[ عرساً كان أو نحوه]، [ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله] ))
البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي.
الإجابة ولو كان صائماً: وينبغي أن يجيب ولو كان صائماً، لقوله صلى الله عليه وسلم :
((إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل. يعني: الدعاء ))
مسلم والنسائي وأحمد والبيهقي.
الإفطار من أجل الداعي: وله أن يفطر إذا كان متطوعاً في صيامه، ولا سيما إذا ألح عليه الداعي، وفيه أحاديث:
الأول: ((إذا دعي أحدكم إلى طعام فليُجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك )) مسلم وأحمد والطحاوي.
الثاني: ((الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر )) النسائي، والحاكم، والبيهقي. وقال الحاكم ((صحيح الإسناد )) ووافقه الذهبي.
الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا. قال: فإني صائم. ثم مرّ بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس، فخبأت له منه، وكان يحب الحيس، قالت: يا رسول الله! إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه. قال: أدنيه؛ أما إني قد أصبحت وأنا صائم. فأكل منه، ثم قال:
((إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها )) النسائي بإسناد صحيح.
لا يجب قضاء يوم النفل: ولا يجب عليه قضاء ذلك اليوم ، وفيه حديثان:
الأول: عن أبي سعيد الخدري قال: ((صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلف لكم! ثم قال له: أفطر وصم مكانه يوماً إن شئت ))البيهقي بإسناد حسن.
الثاني: عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء، قال: فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبَذّلة، فقال: ما شأنك يا أم الدرداء؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء يقوم الليل ويصوم النهار، وليس له في شيء من الدنيا حاجة! فجاء أبو الدرداء فرحب به، وقرب إليه طعاماً، فقال له سلمان: اطعم، قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لتفطرنه، ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنه سلمان وقال له: يا أبا الدرداء! إن لجسدك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، [ولضيفك عليك حقا]، ولأهلك عليك حقاً، صم، وأفطر، وصلّ، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان في وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت، قال: فقاما فتوضآ، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أمره سلمان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا الدرداء! إن لجسدك عليك حقاً، مثل ما قال سلمان( وفي رواية: صدق سلمان ) البخاري والترمذي، والبيهقي.
الجزء العاشر
- ترك حضور الدعوة التي فيها معصية:
ولا يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية، إلا أن يقصد إنكارها ومحاولة إزالتها، فإن أُزيلت؛ وإلا وجب الرجوع، وفيه أحاديث:
الأول:
عن علي قال:
((صنعت طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فرأى في البيت تصاوير، فرجع [قال: فقلت: يا رسول الله! ما أرجعك بأبي أنت وأمي؟ قال: إن في البيت ستراً فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير] )) ابن ماجه، وأبو يعلى بسند صحيح.
الثاني:
عن عائشة أنها اشترت نُمرُقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ فقلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فقال صلى الله عليه وسلم : ((إن أصحاب هذه الصور( وفي رواية: إن الذين يعملون هذه التصاوير ) يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن البيت الذي فيه [مثل هذه] الصور لا تدخله الملائكة[ قالت : فما دخل حتى أخرجتها] )) البخاري ومسلم .
الثالث:
قال: صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يقعدن على مائدة يدار عليها بالخمر )).
وعلى ما ذكرنا جرى عليه عمل السلف الصالح رضي الله عنهم، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، فأقتصر على ما يحضرني الآن منها:
أ- عن أسلم –مولى عمر- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قدم الشام، فصنع له رجل من النصارى، فقال لعمر: إني أحب أن تجيئني وتكرمني أنت وأصحابك –وهو رجل من عظماء الشام- فقال له عمر رضي الله عنه :
((إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها )) البيهقي بسند صحيح.
ب- عن أبي مسعود - عقبة بن عمرو- أن رجلاً صنع له طعاماً، فدعاه، فقال: أفي البيت صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة ثم دخل. البيهقي سنده صحيح.
ج- قال الإمام الأوزاعي: ((لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف )) أبو الحسن الحربي.
- ما يستحب لمن حضر الدعوة:
ويستحب لمن حضر الدعوة أمران:
الأول:
أن يدعو لصاحبها بعد الفراغ بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو أنواع:
أ- عن عبد الله بن بسر أن أباه صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، فدعاه، فأجابه، فلما فرغ من طعامه قال: ((اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم )) ابن أبي شيبة, ومسلم، وأبو داود.
ب- عن المقداد بن الأسود قال: قدمت أنا وصاحبان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأصابنا جوع شديد، فتعرضنا للناس، فلم يضفنا أحد، فانطلق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله؛ وعنده أربع أعنز، فقال لي: يا مقداد جزئ ألبانها بيننا أرباعاً، فكنت أجزئه بيننا أرباعاً، [فيشرب كل إنسان نصيبه، ونرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه]، فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فحدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار، فأكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو شربت نصيبه ( ! ) فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته( ! ) ثم غطيت القدح، فلما فرغت أخذني ما قدُم وما حدث، فقلت: يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم جائعاً ولا يجد شيئاً، فتسجّيت، [قال: وعلي شملة من صوف كلما رفعت على رأسي خرجت قدماي، وإذا أرسلت على قدمي خرج رأسي، قال:] [وجعل لا يجيئني النوم]، وجعلت أحدث نفسي، [قال: وأما صاحباي فناما]، فبينا أنا كذلك؛ إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم تسليمة يسمع اليقظان، ولا يوقظ النائم، [ثم أتى المسجد فصلى]، ثم أتى القدح فكشفه، فلم ير شيئاً، فقال: ((اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني ))، واغتنمت الدعوة، [فعمدت إلى الشملة فشددتها علي]، فقمت إلى الشفرة فأخذتها، ثم أتيت الأعنز، فجعلت أجتسّها أيها اسمن؛ [فأذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم]، فلا تمر يدي على ضرع واحدة إلا وجدتها حافلاً، [فعمدت إلى إناء لآل محمد ما كانوا يطعمون أن يحلبوا فيه]، فحلبت حتى ملأـ القدح، ثم أتيت [به] رسول الله صلى الله عليه وسلم، [فقال: أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد؟ قال:] فقلت: اشرب يا رسول الله! فرفع رأسه إلي، فقال: بعض سوآتك يا مقداد، ما الخبر؟ قلت: اشرب ثم الخبر، فشرب حتى روي، ثم ناولني فشربت، فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي وأصابتني دعوته، ضحكت، حتى ألقيت إلى الأرض، فقال: ما الخبر؟ فأخبرته، فقال: هذه بركة نزلت من السماء، فهلا أعلمتني حتى نسقي صاحبينا؟ فقلت: [والذي بعثك بالحق]، إذا أصابتني وإياك البركة، فما أبالي من أخطأت!. مسلم وأحمد وابن سعد وبعضه الترمذي وصححه.
عن أنس أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم[ كان يزور الأنصار، فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار يدورون حوله، فيدعوا لهم، ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم، فأتى إلى باب سعد بن عبادة فـ] استأذن على سعد فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله، ولم يُسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاثاً، ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يُسمعه، [وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد فوق ثلاث تسليمات، فإن أذن له، وإلا انصرف]، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، واتبعه سعد، فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، [فادخل يا رسول الله]، ثم أدخله البيت، فقرب له **يباً، فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ قال: ((أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون )). أحمد والطحاوي والبيهقي وابن عساكر وإسنادهم صحيح.
الثاني:
الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة، وفيه أحاديث:
الأول: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
هلك أبي، وترك سبع بنات أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : تزوجت يا جابر؟ فقلت: نعم، فقال: أبكراً أم ثيباً، قلت: بل ثيباً، قال: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك؟ فقلت له: إن عبد الله هلك وترك [تسع أو سبع] بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال:
((بارك الله لك ))، أو قال لي خيراً. البخاري ومسلم .
الثاني: عن بريدة رضي الله عنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: يا رسول الله! ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مرحباً وأهلاً، لم يزد عليهما، فخرج علي بن أبي طالب على أولئك الرهط من الأنصار ينتظرونه، قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحباً وأهلاً، فقالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما، أعطاك الأهل والمرحب، فلما كان بعد ذلك، بعدما زوجه قال: يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة، فقال سعد: عند كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً من ذرة، فلما كانت ليلة البناء، قال: لا تحدث شيئاً حتى تلقاني، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتوضأ فيه، ثم أفرغه على علي، فقال:
((اللهم بارك فيهما، وبارك لهما في بنائهما )).
الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم، فأتتني أمي، فأدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: ((على الخير والبركة، وعلى خير طائر )).
الرابع: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفّأ الإنسان إذا تزوج قال:
((بارك اله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في ( وفي رواية: على ) خير )) أبو داود، والترمذي، وكذا أبو علي الطوسي وصححاه، والدارمي وأحمد والحاكم والبيهقي.
بالرفاء والبنين تهنئة الجاهلية:
ولا يقول: ((بالرفاء والبنين ))؛ كما يفعل الذين لا يعلمون، فإنه من عمل الجاهلية، وقد نُهي عنه في أحاديث، منها: عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من جشم، فدخل عليه القوم، فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تفعلوا ذلك [فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك]، قالوا: فما نقول يا أبا زيد؟ قال: قولوا: بارك الله لكم، وبارك عليكم، إنا كذلك كنا نؤمر. ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، والنسائي،وابن ماجه، والدارمي.
قيام العروس على خدمة الرجال:
ولا بأس من أن تقوم على خدمة المدعوين العروس نفسها إذا كانت متسترة وأمنت الفتنة، لحديث سهل بن سعد قال: ((لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاماً، ولا قدمه إليهم، إلا امرأته أم أسيد، بلّت ( وفي رواية: أنقعت ) تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته، تتحفه بذلك، [فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس] )). البخاري ومسلم.